Get Mystery Box with random crypto!

خرجت المرأة من بيتها - من غير ضرورة ولا حاجة - بزعم المدنية و | أنس البخاري

خرجت المرأة من بيتها - من غير ضرورة ولا حاجة - بزعم المدنية والحداثة لتزاحم الرجل الشقاء والمكابدة! وكم كانت غنية عن ذلك!

أوهموها أن دورها أن تثبت ذاتها في عالم الرجال، وأن تزاحمهم على ما في أيديهم! خسرت المرأة مكانها في بيتها وفي نفوس أبنائها، أنفقت طاقتها في سعي محموم تكسوه الأنانية في صراع شرس مهلك لنيل خفي حنين!
فقدت الأسرة رافدها الأول، وانتكس البيت بفقد عماده، وتفرق دورها بين الشارع والتلفاز والانترنت والمدرسة، وانهار المجتمع على إثر ذلك.

لقد عززوا الوسوسة في آذانها بالمغالاة في قيمة الدنيا فأصبح حلمها دنيويا وهو أن تصبح فيها شيئا مذكورا، وهي تتجرع في سبيل ذلك ما يفوق طاقتها، ويزهق أنوثتها، ويشوه نفسيتها من أجل فقاعة كبيرة من اللاشيء اسمه (تحقيق الذات) وليتها تحقق ذاتها في ميدانها وليس في ميدان الرجال، ثم تكتشف بعد انفراط عقد عمرها أنها بددته في سباق لم يجدر بها يوما أن تنزل مضماره، فلا هي ادخرت نفسها وحفظت قيمتها في بيتها، ولا هي حققت ما تزعم خارجه، وما عادت إلا بخفي حنين!

آفة المرأة أن تسترجل، ولو علمت أن الرجال تتوق للفرار والفكاك من ذلك الطوق الذي هرعت هي للانغلال فيه لفرت مثلهم.

تم تسليعها ويا للحسرة! فهي تقدم لوظيفة شروطها أن تكون حسناء ممشوقة القوام، كاشفة عن رأسها وسيقانها وبعض جسدها، وتغطي ما سمح لها بتغطيته برداء يصف ما يغطيه، خاضعة بالقول، منحنية الظهر، متزينة للزبائن تزينها لزوجها كأنما تقول هئت لك!

تلك الثقافة العالمية الغالبة لم تضغط في سبيل إخراج المرأة من بيتها إلى سوق العمل إلا في أخس ظروف لذلك السوق وأحقرها ربما في التاريخ البشري كاملا (على الرجل قبل المرأة)، تلك الثقافة الغالبة لم تهج ثورة المرأة على قوامة زوجها أو ولاية أهلها وهوية مجتمعها إلا وقد عبدتها لرئيسها في العمل وأخضعتها وكبلتها بقيود العمل وتحكمات أصحاب رؤوس الأموال وقوانين السوق! فهل هذا ما تريده المرأة؟!

إنهم يخببونها على زوجها ويهيجون ثورتها على أهلها بزعم الاستقلال والحرية الشخصية، ثم يجردونها من ملابسها ويصورونها عارية ويضعون صورتها في إعلان ساقط على قناة ساقطة أو واجهة محل لتجذب بجسدها العريان الأعين الزائغة ليقبل أصحابها على شراء السلعة المعروضة، والمرأة هنا أخس من السلعة وأخس من الورقة الملصقة على الجدار، فهل هذا ما تريده المرأة؟!

إن البشرية - التي ترون زخرف منتجها المادي وزينتها الظاهرة - في سكرة ويا لحسرتها حين تفيق!

إن العالم ليس بحاجة لامرأة تخترع له علاجا للتشوهات الجينية الناشئة عن القنابل النووية، ولا أن تمخر المرأة عباب الفضاء باحثة عبثا عن كوكب آخر قابل لحياة البشر، ولا لمديرة شركة تدر أرباحا على ملاكها، ولكن ما أحوج البشرية لأم صالحة تربي ابنًا ديِّنا صالحا يدعو إلى الدين والأخلاق والقيم الحميدة مما تفتقده تلك البشرية في حمأتها الأخيرة تلك، ابنا لا يقذف بالقنابل النووية فوق رؤوس الأبرياء، ابنا يكون لبنة في بناء جيل راشد لا يدمر كوكبنا الأرضي، أو لمن تخرج مسؤلا أمينا لا يسرق قوت شعبه.

حينما حذر اللهُ عز وجل آدمَ عليه السلام أن يخرجه الشيطان وزوجه من الجنة فيشقى (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ): جعل الشقاء من نصيب الرجل، وأناط بعنقه الكد لتوفير سبل العيش، وجنَّب اللهُ المرأةَ ذلك الشقاء وأنزله عن كاهلها، فما لها تهرع لتحمله ولتتجرع مرارته؟! كالقوم الذين أنعم الله عليهم: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ)
فماذا كان جزاء قولهم؟!
(فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ).

ألا قبح الله هذه المدنية، ألا لعن الله تلك الحداثة؛ ولو كان هذا هو ذنبها الوحيد! فلقد استرجلت نساء، وتخنث رجال، وضمرت الفطرة، وانهدمت الأسرة، وضاع الأبناء، وانحط المجتمع، وإنا لله وإنا إليه راجعون!

أحمد إسماعيل - سدد الله قلمه -