2022-11-29 00:59:14
اليَوم ، وقعَ في يدِي فيديو قصير لفيلم طفولتِي المفضّل جداً (Bridge to Terabithia) مع أغنية
(When l see you again)
وكان مزيجاً باعثاً للبكاء حرفياً
ولَكم أثارَ من الذكريات في قلبِي..
في الحقِيقة ، لقد كانَ فيلمنا المُفضّل
على قدر ما كُنا لا نتفِق ، فلقد كانَ مولَعاً بالهنود رغم صغر سنِه ، وأنا عاشِقة للكارتون ومسلسلات mbc3 نهاية الإسبوع I carly , zak files ، Hana Montana...إلخ
ولكن ، إتفَقنا على الإعجاب بهذا الفيلم
حتى أننا شاهدناه في كل المرات التي أُعِيد فيها حرفياً!
بدافِع الجيرة والقرَابة ومقاعِد الدراسة كنا نتشارَك الكثير من الأشياء ، حتى الكتُب المدرسية والمذكّرات..
قبل أن أكبُر ، كانت الحياة سَهلَة ، وكان كل شئ واضِح وبسيط ، وكان مشهَد وقوفي أو ذهابي إلى المدرسة مع صبيٍّ في الحي لا يثير في دواخِل المارة أي نوعٍ من الفضُول..
لقد كُنا أطفالاً ، هكذا على بساطة الكلِمة وعُمقها
لكننا لَم نعُد..
ولا أقول هذا بدافع الأسَف أو الحسرَة أو حتى التمنّي بإعادة إمتلاك هكذا مِيزَة ، فلكلِ مرحلَة في العمر رحَابتها وضِيقها
ولكلَ مرحلة ذكرياتها وتجاربها وإيقاعها الخاصّ ومخاوفها وأمانيها..
ولكن فقط الإنتقال من مرحلة الطفولة إلى المُراهقة ، كان صعباً بعض الشئ ومُربِكاً..
بمجرّد إنتقالي للدراسة الثانوِية ، أصبحت الأمور أكثر تعقِيداً ، وبالطبع إنقطع الوَصل تماماً مع ذلك الصدِيق ، وأصبحت الأحاديث عابِرة ومختصَرة ، ومن ثمَ إضطّر للرحيل مع عائلته من الحَي
وعلى قدر حبل الوصل الذي حافظََت عليه الرُؤيا اليومية بالجِوار ، على قدر ما انقطعنا عند انعدامها
وفجأة تحولت كل الذِكريات الحلوة إلى ألبوم كبير ، تتصفحه في ذاكِرتك ولا تُصدِّق أنك عِشتَه ، تتصفحه وتبتسِم!
ما زِلتُ أتذكّر ذلك اليوم بالتفصيل..
تدخل أختي الصُغرى هلِعة تصرُخ بجنون
- فلان مات ، في حادِث..
- شنو ، دقيقة ، كيف يعني؟
أيام ثِقال مرّت بعدها ، لا أعرف كيف مرّت حتى اللحظة..
ولكنِي عرفت فيها شيئاً واحداً ، أنني أدرجته طوال ثمانِي سنوات ضمن قائمة الغُرباء ، وأنني تجاهلتُ رسائله العفوية على الماسنجر ، وأعتذرت عن إعطاءه رقم هاتفي -لسببٍ يدركه كِلانا- وكنتُ مصرّةً على ذلك
كنتُ أتصفح الرسائل (المرسلة من طرفٍ واحد وأبكِي)
- جمعة مباركة عليك
- كيفك ، وكيف الجامعة
- ستي إزيك ، إن شاء الله طيبة ، وكيف ناس البيت
- كيف الجامعة ، في سمستر كم هسي!!!!
؟-
- كل عام وإنتي بخير
- رمضان كريم عليكم و...إلخ
قائمة طويلة من الرسائل المُشابِهة
الشئ الأكيد الآن هو أنني لا أندم على وضع الحِدود في التواصُل مع الشباب ، ولكنني ولسببٍ ما ، ندمت على عدم الرّد عليه تحديداً
ربما لأننا نحن البشَر ، نعرِف قيمة الأشياء بعد زوالها!
ما حدثَ في الفيلم ، حدث لاحقاً في حياتِي ، وبشكلٍ أسوأ..
في الفيلم ، ماتت البِنت ، وتركت صديقها يعاني فجاءَة موتها المُريع
ماتت صغيرَة ، وكان حُزنه كبيراً وبريئاً
في حياتي ، مات صديق الطفولة العزيز ، أثناء الدراسة الجامِعية ، وترك صديقةً جاحدَة وقاسية تعاني موته المفاجئ ، وتعاني في ذات الوقت من جلد الذات والندَم ، الكثِير من الندَم.
أحياناً أفكر..
ماذا لو عرِفنا أن شخصاً ما بعينه في حياتنا سَيموت!
أي والله ، مثلما أقول لَك..
تخيّل أن يقال لك بأن فُلان لن يكون موجوداً في هذا العالم بعد اليَوم!
ما الذي ستودّ أن تفعله لذلك الشخص
إعتذار أم إعتراف أم شُكر ، أم... ماذا!
ما الشئ الذي سترغب بشدّة في أن تمنحه إياه قبل أن يرحَل!
أعتقد أنكم توافقونني الرأي في هذه النقطة..
أقصد ، إذا عرفتم أن فلاناً سيموت فلن تتردّوا ولو للحظة بأن تفعلوا الشئ الذي في بَالكم ، الشئ الذي ربما ينتظره ذلك الشخص منكم ، أو يتمناه ، أو يرجوه ، أو ببساطة لا يملك أدنى فكرة عنه ، ولكنكم تملكون ..مثل كل الكلمات الجميلة والطيبة التي يفترض بنا قولها للآخرين ولكننا -ولأسباب غريبة- نركُنها في دواخلنا حتى تهترِئ..
أقول..
لا أحد يعرف متى سَيموت
وهذا لا يعني بأن نتهوّر وأن نخرُج عن السيطرة ، ونفصِح عن كل شئ دون موازِين ودون حِسابات لما ستؤول إليه الأمور
ولكن على الأقل ، لا تدع كلمةً جميلة تبيتُ في حنجرتك..
قُلها ..لا تخف
لن تحدث كارثة ، لن تهوِي الشمس ، ولن تنشقَّ الأرض..
قلها..
هذه الكلمة العالِقة في فمك
ثوبكِ جميل ، حلاقتُك رائعة ، تغريدتك الآخيرة أعجبتني ، حالاتكِ دائماً ملهِمة ، ملابسكِ منسّقة ، لديكَ حس فكاهي لا يُضاهَى..
قلها..
آسف ، سامحنِي ، أحبّك ، أعذرنِي أخطأت في حقَك ، أنا معك ، أنتَ تهمّني ، أنتَ شخص رائع ، لقد تذكرتُكِ البارِحة ، فلاناً يرى أنك شخص لطيف و..إلخ
لا بأس إن لم تقُلها
لن تخسَر شيئاً
ولكنكَ ،يوماً ما..
وبعد فوات الأوان
ستقُولها للجمِيع
ولن يَسمعها الطرفَ المقصُود ، أبداً.
إلى صدِيق لن يقرأ هذا :
أنا آسِفَة جداً
وبشكل خاص..
على الوعد الذِي لم أوفِي به ، آسِفة
#مريم_الشيخ
465 views21:59