Get Mystery Box with random crypto!

قال القاضي عياض رحمه الله في ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك)): | كشكول عزالدين أبوزخار للبحوث والمقالات العلمية

قال القاضي عياض رحمه الله في ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك)): ((قال الطبري اختلف فيمن ضرب مالكاً وفي السبب في ضربه وفي خلافة من ضرب.
فقيل إن أبا جعفر نهاه عن الحديث ليس على مستكره طلاق ثم دس إليه من يسأله عنه فحدثه به على رؤوس الناس فضربه بالسوط.
وقاله مصعب إلا أنه قال إن الذي نهاه جعفر بن سليمان.
وقال الواقدي لما سود مالك وسمع منه وقبل قوله حسده الناس وبغوا عليه، فلما ولى جعفر بن سليمان على المدينة سعوا به إليه وأكثروا عليه عنده وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه شيئاً.
ويأخذ بحديث ثابت الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز.
فغضب جعفر ودعا به فاحتج عليه فما رفع إليه.
ثم جره ومده فضربه بالسياط ومدت يده حتى انخلعت كتفه وفي رواية عنه ومدت يداه حتى انخلع كتفاه وكذلك اختلف على مصعب الزبيري.
وقال الحنيني بقي مالك بعد الضرب مطابق اليدين لا يستطيع أن يدفعهما وارتكب منه أمر عظيم فو الله لمالك بعد ذلك الضرب في رفعة في الناس وعلو وإعظام حتى كأنما كانت تلك الأسواط حلياً حلي بها.
وقيل إن هذا كان في أيام الرشيد.
قال أبو الوليد الباجي ولما حج المنصور قاد مالكاً من جعفر بن سليمان وأرسله إليه ليقتص منه فقال أعوذ بالله.
والله ما ارتفع منها سوط عن جسمي إلا وأنا أجعله في حل من ذلك الوقت لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال غيره: لما دخلت على أبي جعفر وقد عهد إلي أن آتيه بالموسم فقال لي والله الذي لا إله إلا هو ما أمرت بالذي كان ولا علمته وإنه لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم وإني أخالك أماناً لهم من عذاب الله.
وقد رفع الله بك عنهم سطوة عظيمة فإنهم أشرع الناس للفتن، وقد أمرت بعد والله أن يؤتى به من المدينة إلى العراق على قتب وأمرت بضيق حبسه، والاستبلاغ في امتهانة ولا بد أن أنزل به من العقوبة أضعاف ما نالك منه.
فقلت عافى الله أمير المؤمنين وأكرم مثواه.
قد عفوت عنه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته منك.
فقال لي: عفا الله عنك ووصلك.
قال القروي والعمري وأحدهما يزيد على الآخر: لما ضرب مالك رحمه الله تعالى ونيل منه حمل مغشياً عليه فدخل الناس عليه فأفاق فقال: أشهدكم إني جعلت ضاربي في حل.
فعدناه في اليوم الثاني فإذا به قد تماثل.
قلنا له ما سمعنا منه، وقلنا له قد نال منك.
فقال تخوفت أن أموت أمس فألقى النبي صلى الله عليه وسلم فأستحي منه أن يدخل بعض آله النار بسببي فما كان إلا مدة حتى غضب المنصور على ضاربه وضرب ونيل منه أمر شديد.
فبشر مالك بذلك فقال سبحان الله أترون حظنا مما نزل بنا الشماتة به.
إنا لنرجو من عقوبة الله أكثر من هذا، ونرجو من عفو الله أكثر من هذا، وقد ضربت فيه محمد بن المنكدر وربيعة وابن المسيب ولا خير فيمن لا يؤذى في هذا الأمر، وقيل إن الذي تولى ذلك عامل جعفر بن سليمان وإن جعفر هو الذي صنع بعامله النكال لما تقدم، والأول أشهر.
قال مطرف: جلد جعفر بن سليمان مالكاً ثمانين سوطاً وقاله ابن القاسم.
قال مطرف ومصعب، بسبب محمد بن عبد العزيز الزهري حمله عليه في عمله الأول أنه يفتي الناس أن ليس على من أكره على بيعة شيء.
قال مطرف:فرأيت آثار السياط في طهره قد شرحته تشريحاً.
وكان حين مدوه في الحبل بين يديه خلعوا كتفيه حتى كان ما يستطيع أن يسوي رداءه.
فلما ولي جعفر عمله الآخر ودخل عليه مالك سأله جعفر أن يجعله في حل، وقال إني جهلت واستزللت والله ما جلدك إلا القرشيون.
فقال له مالك إنك ترى أن قد ظلمتني.
قال نعم.
قال فأنت في حل، فوسع الله عليك ...)) إلخ.
وجاء في شدة ما وقع على الإمام أحمد من الضرب ما قاله بعض الجلادين: ضربته ضربًا لو كان بجمل لسقط مغشياً عليه.
ومع هذا لم يهيج الناس على الحكام، قال حنبل كما في ((طبقات الحنابلة)): ((اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد الله في ولاية الواثق وشاوروه في ترك الرضا بإمرته وسلطانه.
فقال: لهم عليكم بالنكرة في قلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين وذكر الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ((إن ضربك فاصبر)) أمر بالصبر)) اهـ.
هذا هو حال المبتدعة والضلال التهيج على الحكام المسلمين، وهذا حال سلفنا الصالح يضرب أحدهم فيصبر ولا ينزع يدا من طاعة، وهذه نماذج، ولو تُتبع هذا الباب لجُمع فيه مجلدا، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
وأختام بقول عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري التميمي رحمه الله قاضي البصرة: (لأن أكون ذنبا في الحق أحب إلي من أن أكون رأسا في الباطل).
أخرجه الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)).
وعلى هذا ذل الحكام ولا حرية ثوار أو ثيران.
هذا والله أعلم، وبالله التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: ليلة الجمعة 28 ذي الحجة سنة 1437 هـ
الموافق لـ: 30 سبتمبر سنة 2016 ف

قناة كشكول أبوزخار للبحوث والمقالات العلمية .
https://t.me/abouzkhar