2023-04-26 16:36:30
| تذكرة وإرشاد للطالب المرتاد |
يقول العلّامة الميرزا محمد تقي الأصفهاني -رض- :-
أذكر نبذاً مما يـنبغي تذكره، تذكرة لنفسي ولغيري من المؤمنين بحسب ما عرفته ببركة مولاي -صلوات الله عليه- :
فاعلم أنّه يجب أن تستيقن أنّك بمرأى ومسمع من مولاك يرى مكانك، ويعرف أحوالك، فإن كنت ممّن يواظب على مراعاة الآداب التي ينبغي لك مراعاتها بالنسبة إليه نلت بذلك كمال محبّته لك، ونظره إليك.
وإن كنت من أهل الغفلة والإعراض عنه فوا أسفاً عليك، قال الله عزّ وجلّ: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} _طه: ١٢٤-١٢٦_ فأيّ ضنك وضيق أشدّ من ظلمة الغفلة والجهالة أم أيّ حسرة أعظم من العمى في يوم القيامة؟! أم أيّ فزع أفجع وأفظع من تلك الندامة، يالها من مصيبة ما أعظمها وأفجعها، فالبدار البدار في استخلاص نفسك وفكاك رقبتك، وهذا لا يحصل لك إلا بذكر مولاك، ليأخذ بيدك في أولاك وأخراك، فإنّ الله تبارك وتعالى شأنه يقول: {يوم ندعوا كلّ أناس بإمامهم} _الإسراء: ٧١_ فكن وفّقك الله تعالى ممّن يذكر إمامه ليذكره.
فإذا أصبحت فاعلم أنّ حياتك التي أعطاك الله ببركته فاشكره، واشكر الله على نعمته، وراقب نفسك لئلا تصرف هذه النعمة في غير مرضاته، فتكون لك نكالاً وعليك وبالاً، فإن عرضَت لك معصية فتذكّر أنّ مولاك يراك في هذه الحالة القبيحة والهيئة المنكرة فاتركها إجلالاً له، وإن عرضت لك حسنة فاستبق إليها، واعلم أنّها نعمة إلهيّة، أنعم الله تعالى عليك ببركة مولاك، فاشكر الله على ذلك واجعلها هديّة إلى مولاك، وصاحب زمانك، وقل بلسان حالك، ومقالك: {يا أيها العزيز مسّنا وأهلنا الضرّ وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدّق علينا إنّ الله يجزي المتصدقين} _يوسف: ٨٨_.
وكن في جميع أحوالك خاضعاً خاشعاً، كالعبد الذليل الواقف بين يدي مولاه الجليل، وسلّم عليه كل صباح ومساء، سلامَ عبد شائق للقائه، متألّم بفراقه، سلامَ مخلص يجري دموعه على خدّيه، موقن بأنّه واقف بين يديه.
وإذا حان وقت صلاتك فتذكّر حال مولاك حين وقوفه بين يدي الله جل جلاله وتأسّ به في إحضار قلبك وخشوع أطرافك، وغمض العين عمّا سوى الله تعالى، واعلم أنّ توفيقك لها ليس إلا ببركة مولاك، وأنّها لا تُقبل منك إلا بموالاته ومعرفته، وكلما ازددت موالاة له ومعرفة به وانقياداً لأمره، زادك الله تعالى درجة وأجراً وكرامة وفخراً، وإذا فرغت من صلاتك فاجعله وسيلة إلى الله عزّ وجلّ، وشفيعاً في قبولها منك، وابدأ بالدعاء له قبل الدعاء لكلّ أحد، لعظمة حقّه عليك وكثرة إحسانه إليك.
وإذا عرضت لك حاجة، أو دهتك شديدة فأعرضها عليه، وتضرّع إليه ليشفع إلى الله تعالى في كشفها عنك، فإنّه الوسيلة إلى الله عزّ وجلّ، والباب الذي يؤتى منه، وقد قال الله عزّ شانه: {وأتوا البيوت من أبوابها} _البقرة: ١٨٩_ فإنّه المفزع والمرجع في جميع الأمور فوظيفتك الرجوع إليه، والإستغاثة والإستشفاع به فاجعله شفيعاً إلى الله عز وجل ليدعو لك، ويجعلك في همّه، فإنّ من وظائف الإمام ومراحمه في كل زمان بمقتضى ما ورد من الأخبار الدعاء للمؤمنين، كما أنّ من وظائف المؤمنين في كل زمان الدعاء لإمامهم، بدلائل العقل والنقل.
وإذا عرضك غفلة أو نسيان عن ذكره -عليه السلام- في بعض الأحيان ـ كما هو الغالب في غالب أهل الزمان - فاعلم أنّه لمّة الشيطان، فابتهل وتضرّع إلى الله جل شأنه في صرف كيده عنك واستغفر الله تعالى وتب إليه توبةً نصوحاً، ليكفّر عنك سيئاتك، ويوفقك لذكر مولاك في كل حال، إنّه جل ثناؤه لما يشاء فعّال، وعليك بإمعان النظر، وإجالته فيما ذكرناه، ونذكره من وظائفك وآدابك لمولاك، أسأل الله تعالى أن يوفّقنا وإيّاك للعلم والعمل، ويعصمنا من الخطأ والزلل، إنّه قريب مجيب.
#الدروس_الاسلامية
#بحوث_دينية
مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم -عليه السلام-، ج٢، ص٣٤٩-٣٥٢، من ط. الخامسة سنة ١٤٢٨هـ، بتصرّف.
نسألكم الدعاء ..
505 viewsحسين, edited 13:36