Get Mystery Box with random crypto!

بقلم الدكتور حسين الشرهاني: كتبتها قبل عامين: عندما كان ا | التراث والتحقيق بين يديك

بقلم الدكتور حسين الشرهاني:

كتبتها قبل عامين:
عندما كان السيد الخرسان مصابًا بـ(الكورونا) - عافاكم الله تعالى -، واعيدها لما فيها من فائدة:
هناك اشخاص اعمارهم كلها عطاء، ووجودهم رحمة، السيد المحقق آية الله محمد مهدي الخرسان، نسال الله سبحانه وتعالى ان يمد في عمره المبارك أنموذجًا.

في عام 1999 كنت طالبًا في جامعة البصرة واكتب رسالتي للماجستير، حينها لم استطع الحصول على مصادر تفيدني في الكتابة على الرغم من اجتهادي في الحصول عليها، لأن البعث الساقط كان قد منع اغلب كتب التاريخ الإسلامي، شددت رحالي الى النجف الأشرف لأبحث في مكتباتها.
توجهت اوّلًا لأمير المؤمنين (عليه السلام)؛ ليعينني على مهمتي، ولم يكن هناك رواد كثر يرتادون الضريح؛ لوضع البلد حينها، والفقر الذي انهك اغلب الناس.
تواصلت مع طلبة الحوزة؛ لاعرف كيف اصل للمكتبات، فدعاني بعضهم الى بيته المتواضع بل المتهرىء البسيط ، فخجلت ان اقيم عندهم لما رايته من ضيق حالهم ومعيشتهم، فاقمت في احد الفنادق المتواضعة لمدة شهر كامل، وبما يتناسب مع امكاناتي البسيطة جدًا، (وجبة واحدة في اليوم).
ارتدت مكتبات امير المؤمنين، والإمام الحسن، والحكيم، وغيرها وحصلت على كتب جيدة، حتى ارشدني احد طلبة العلم للسيد محمد مهدي الخرسان،
قال لي: اذهب إليه سيساعدك كثيرًا.
ذهبت الى مسجد الترك، وكان إمامًا للجماعة في صلاة المغرب، صليت خلفه، وعندما انتهت الصلاة، جلست قريبا منه من دون ان اتكلم - هيبة له - حتى اذا فرغ من المحيطين به، التفت الي وقال: تفضل ابني، اخبرته اني طالب ماجستير في جامعة البصرة، وجئت إليه طلبًا للمساعدة.
قال لي مازحًا: (منين اجيبلك كتب هسه وانه بالمسجد؟).
ثم اردف قائلًا: غدًا صباحًا تأتيني الى بيتي، سألته عن العنوان، قال: ( تلكاه بذاك العكد).
ذهبت اليه باكرًا، وعندما وصلت الى بابه وجدت طفلًا صغيرًا لم يتجاوز التاسعة من عمره يرتدي ثوب ابيض (دشداشة)، ويعتمر قبعة (حدرية) بيضاء، وجهه كأنه قمر، بادرني بالقول: تفضل مولاي (عرفت فيما بعد انه حفيد السيد)، اخبرته ان عندي موعد مع السيد، ادخلني الى غرفة واسعة يسمونها (البراني) بعد لحظات جاءني السيد، ورفض ان اقوم له، جلس قربي واستفسر عن احوالي.
اردت الحديث عن موضوعي فقاطعني بالقول: خلي نضيفك اول مرة، قدموا لي الشاي، ثم قدم لي سيجارة؛ لانه عرف اني ادخن، وضعتها في جيبي، ولم ادخنها احتراما له.
بعدها استفسر عن موضوعي وما وصلت اليه، فرح جدا عندما عرف اني اكتب عن (السيدة خديجة بنت خويلد عليها السلام) في وقت كانت كل كلمة مراقبة، بدأ ينزل لي الكتب من مكتبته بنفسه على الرغم من صعوبة حركته، فأردت ان اساعده فرفض الأمر، وقال لي انت ضيفي، وانا اقدم خدمة لطلبة العلم، ما اعظمه من تواضع ذلك الذي رأيته.
اخذت الكتب، ونقلتها كلها في يومين، وارجعتها له، فوعدني ان يعطيني مخطوطة عن السيدة خديجة جلبها من تركيا لأحققها، لكن مع الأسف لم استطع السفر مرة اخرى للنجف؛ بسبب الظروف المادية.
هذه شهادتي ارويها للتاريخ، لأني أدين بالفضل لهذا السيد الجليل.