2019-12-20 00:52:54
شاهد : من مدينة تعز .. معاناة وثقتها صورتان وفتاتان ( إسراء وربأ )
الجمعة ، ٢٠ ديسمبر ٢٠١٩ الساعة ١٢:١٣ صباحاً ، يمن فويس ( موسى المقطري ) خاص :
https://yemenvoice.net/news134365.html
لطالما كانت عدسة الكامرا أمينة في توثيق لحظات لايمكن استعادتها لظروف زمانية أو مكانية ، أو موضوعية تتعلق بالحدث الخاطف ، ولتلك العدسة الجامدة قدرة على تخليد هذه اللحظات فتبدو وإن تقادمت بها الأيام حية نظرة تحكي لحظة انطلاق ذلك الضوء الباهر الذي يوقف حركة الزمن ليهب اللحظة الساكنة اكسير الحركة والاستمرار .
في تعز رافقت الصورة الأحداث التي عاشتها المدينة ورصدت عدسة الكامرا أشد اللحظات قساوة في حياة المدينة وأهلها ، كما خلدت أجمل اللحظات كذلك، لكن الأهم أن جزء كبير من تاريخ تعز منذ انطلاق الثورة الشبابية في فبراير 2011م وحتى اليوم يمكن إدراكه من خلال ما التقتطه العدسات ، وإن لم تتوفر تفاصيل أخرى .
بعد الانقلاب المقيت في 31 سبتمبر 2014م وانحياز تعز لصف الجمهورية والدولة دفعت المحافظة أرضاً وإنساناً ضريبة باهضة - ولازالت تدفع - وتمثلت هذه الضريبة بعدد كبير من الشهداء والجرحى والمعاقين والمخفين قسراً في سجون المليشيا .
عانى التعزيون من مأساة الإخفاء القسري الذي حرم أسر كثيرة من الأباء والإخوة والابناء ، وجلهم أخذو من الطرقات والشوارع وهم غارقون في حياتهم المدنية ، ولقى بعضهم ربه في السجون ، وخرج آخرون بحالة إعاقة أو مصابون بالجنون ، وظلت بين فينة أخرى تخفف من وطاة هذه المعاناة دفعات تبادل يرعاها قادة تعز العسكريون وشخصيات من مختلف الفئات تعيد السعادة لطائفة من الأسر ، وتزرع الأمل لدى البقية .
الصورة كانت حاضرة لتوثق مشاهد عديدة ارتبطت بهذا الملف الانساني ولطالما توقف الزمن للحظة ليروى عبر العدسة لحظة فرح أوحزن لكن ثمة لحظات وثقتها عدسة الكامرا لايمكن للزمن ان يتجاوزها ، وستغدو جزء من الوثائق التي تحكي تاريخ هذه المدينة ونضال أهلها .
- إسراء وصامد :
في اكتوبر الماضي كانت الطبيبة "إسراء وهيب" تحتفل بتخرجها من الجامعة ، وكالعادة يقيم الخريجون حفلاً تتشاركه معهم اسرهم واصدقائهم فرحاً واستبشاراً باستكمال الدراسة والاستعداد للنزول إلى سوق العمل . ارتدت "إسراء" مع زملائها زي التخرج ، واحتفل الجميع ، وصالت وجالت عدسة الكامراء لتسجل أجمل اللحظات التي لن تعود بالمطلق ، فاختارت "إسراء" أن تخلد لحظتها المميزة بلفت النظر لجانب من معاناتها ومعاناة الكثير ممن يقبع اقربائهم في غياهب سجون مليشيا الموت .
الناشط الانساني "صامد العامري" خطيب "إسراء" غيبته المليشيا في سجونها منذ سنوات دون تهمة ، وعانت اسرته ومنهم خطيبته كثيراً جراء هذا الإخفاء ، لكن إسراء اختارت في يوم تخرجها أن يكون حاضراً كشخص وكقضية ، فوثقت الحدث بصورتها وهي ترتدي زي التخرج وتمسك بيدها صورة "صامد" .
كانت هذه الصورة تعبيراً قوياً يوثق ما تعانيه أسر المختطفين ، ومدى الفقدان الذي يشعرون به في اجمل لحظات حياتهم ، وتحولت هذه الصورة من مجرد لقطة فلاش عابرة إلى توثيق تجاوز اللحظة وانغمس في لب قضية الإخفاء القسري .
تنفس اليوم "صامد" الحرية ضمن صفقة تبادل ، وعادت لإسراء وجميع اسرته الابتسامة ، وستظل الصورة تلك جزء من توثيق حالة المعاناة التي فرضتها مليشيا الموت على تعز وكل اليمن .
ربأ ..ودموع الفرح :
"ربا عبد الحميد الجندي" شابة من تعز تحمل حاليا شهادة جامعية في الصيدلة ، ومنذ وقت مبكر يعرفها كل من حضر أحداث ثورة الشباب في العام 2011م ، فقد كانت أحد الناشطات في ساحة الحرية ووثقت بعدستها كثيراً من الأحداث ، ورافقت مسيرات الشباب التي كانت تجوب تعز يومها .
التربوي "عبدالحميد جعفر" هو والد "ربأ" اختطفته مليشيا الموت من قريته في "الجندية" بعد اصابته بالرصاص حين حاول الهرب منهم ، وظل لسنوت مغيباً في معتقلات المليشيا ، وظلت "ربأ" وبقية افرد الاسرة يتجرعون مرارة الحرمان من الوالد لسنوات ، وابتسم القدر لهم أخيراً بخروجه ضمن تبادل شمل بجانبه 74 أخرين من المدنين الذين اختطفتهم المليشيا من ضمنهم "صامد العامري" الذي سبق ذكر مأساته .
اليوم الخميس 19 ديسمبر كانت "ربأ" واسرتها حالهم كحال العشرات من الاسر في تعز ينتظرون اللحظة التي حلموا بها كثيراً بعناق أقاربهم المفرج عنهم ، وكان الوصول وكان العناق ، وجرت دموع الفرح على المحاجر وارتفعت الزعاريد وكانت في الانتظار عدسة موهوبة رصدت لحظة عناق "ربا" لوالدها وهي تبكي فرحا وهو كذلك ، وبكى كل من لم يشهد الموقف بمجرد رؤيته لهذه اللقطة التي أجادت الاستفراد بهذه اللحظة العابرة ضمن سلسلة أحداث متلاحقة .
بعيداً عن قيود الزمان والمكان والأشخاص تلخص الصورة حكاية كاملة ركناها فقدان قاتل زلزل النفوس وجرعها المرارة ، ولحظة انتصار على المعاناة التي القت بظلالها على المختطفين وأهاليهم لسنوات .
سواء في تعز أو في محافظات أخرى لازالت الكثير من الأسر تنتظر بصيص أمل لاستعاد
474 viewsموسى المقطري, 21:52