Get Mystery Box with random crypto!

فهذا المعنى لا يدل على ترك الإنكار على المرأة فيما تقع فيه، لك | السبيل

فهذا المعنى لا يدل على ترك الإنكار على المرأة فيما تقع فيه، لكن أصل مراعاة النفوس عند هجمة الأفكار وتلطيف العبارة خشية اللحاق بمنظومات مخالفة للشريعة متقرر، وأرى أن على من تصدر لهذا الباب وغيره أن يقرر الأحكام دون مناكفات، ويبين المحاسن والتعليلات في ماكان من قبيل معقول المعنى، ويثور الإيمان في النفوس لاستقبال التكاليف التعبدية بتسليم واطمئنان؛ وهذا أيضًا ليس مخصوصًا بالنساء بل عام بحسب السياق.

رابعًا: يقرر الأصوليُّون أنَّ الجمع الذي لم تظهر فيه علامة التَّذكير والتَّأنيث يعم الذكور والإناث؛ مثل لفظ "النَّاس"و"الإنس" و"البشر" ونحوها من الألفاظ التي تشمل جميع الذكور والإناث بأصل الوضع لهذه الألفاظِ في اللغة، وليس لعلامة التَّذكير أو التَّأنيث مدخلٌ في هذا الشُّمول، فيدخل في مفهومها ودلالتها الذُّكور والإناث. [8]

فالله سبحانه خاطب الجميع ذكورًا وإناثًا بوصفهم عاملين "فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض"

فلا معنى لإخراج النساء من عموم أصل خطاب التكليف بالعمل لدين الله -حسب الضوابط- إلا لمخصص، ومن قصر دور المرأة على واجب دون آخر ففي تقريره وهن ودخَن.

ولا أفهم قول من يقول أن ذكر عموم الخطاب التكليفي للجنسين هو من قبيل الاستثناءات؛ إلا أن يكونوا ممن ينطلقون من الواقع للنص لا العكس.

خامسًا: من مسالك التفقه الأهوائية "ترتيب المقدمات والبراءة من النتائج"، فمن قرر هذا النفَس المسعور تجاه أي حديث حقوقي بوصم صاحبه بالنسوية والتدثر ليس بريئًا مما يخلفه من بذاءات واستسهال للقذف والتكفير؛ فهو يرسخ منهجًا انفعاليًا قائم على امتحان العباد والشك في نواياهم وظاهر ألفاظهم وإلزامهم بما لا يلزم؛ ليرضي روحه الغضبية.

والله أسأل أن يهدي من أعانوا شياطين الإنس والجن على أخواتهم المؤمنات؛ ولسان حالهم المروي عن أحد المناظرين: فإن قلتَ كذا كفرتَ والحمد لله.

فالواقع الاجتماعي فيه مظالم كبرى، وليست وظيفة الخطاب الشرعي تقرير السائد وتثبيته؛ بل الحق أن ننكرر المظالم الاجتماعية، ونبرز المحاسن الشرعية، ونقرر الأحكام التكليفية؛ لا نسوية تدعي التشريف، ولا ذكورية تحصر بالتكليف؛ بل ربانية تراعي التكليف والتشريف والتخفيف والتعريف.

ختامًا:
أحبّ لأهل الصون والحفاظ من أخواتي المؤمنات السير في طريق التعلم، وتزكية النفس، ومكاثرة الحسنات، وعدم الالتفات لمن يجعل المعركة بين ذكر وأنثى؛ بل الشريعة تدعو للتكامل لا التصارع، وثنائية الحقوق الشرعية دائمًا بين (ظالم/مظلوم) مهما يكن جنسه ولونه ولغته.

وأحب للمصلحين بعامة المضي في تقرير الأحكام، ونشر المحاسن، وبناء الأجيال، وتحبيب الخلق في دين الله، وإعانتهم على أنفسهم، ورفع مستوى التدين الشبابي بما وسعهم من وسائل، أما المكوث تحت غبار المعارك المصطنعة فلن يسمح لنا بالكلام؛ سنستمر حينها بالسعال فقط.
———
[1] النسائي (3955)، أبو داود (3567)، ابن ماجه (2334) وبينها اختلافات يسيرة.
[2] الإلمام (421/2)
[3] النسائي (4979)، أبو داود (4408)، الترمذي (1450)
[4] (2/235) ط. الأعظمي
[5] سننه (4/53) ط. شاكر
[6] إعلام الموقعين (4/340) ط. مشهور
[7] شرح النووي على مسلم (6/219)
[8] ينظر مثلًا: إرشاد الفحول (1/320)

بدر آل مرعي