Get Mystery Box with random crypto!

مواقع التواصل الاجتماعي ومعاكسة التزكية. ينبغي أن نعي أننا بم | السبيل

مواقع التواصل الاجتماعي ومعاكسة التزكية.

ينبغي أن نعي أننا بمجرد فتح هذه المواقع والتطبيقات ندخل فضاءً يعاكس كل جهود تزكية النفس، ويقودها على طريق التدسية المنحدر المضطرب.

في العالم الطبيعي يكتب الكاتب كتاباً ويطبعه ثم يتابع حياته، يخطب الشيخ خطبة ويمضي لأشغاله، ويقول "الحكواتي" قصته ويذهب لينام في بيته، قد يقرأ الكاتب بعض المراجعات على كتابه من قبل الخبراء في الصحف المتخصصة، وقد لا يحدث، وقد يعلق بعض السامعون على "الحكواتي" في المقهى وقد ينطلقون إلى بيوتهم بكل عفوية..

المهم أن المتحدث يخرج مكنونات نفسه أو نتاج بحثه دون ان يشغل نفسه لأيام برأي الناس في فكرة عبرت ذهنه أو نتيجة توصل إليها بحثه، ويترك الاستفادة أو غيرها للقراء فيما بعد، وكذلك القارئ يمسك الكتاب دون أن يرى تعليقات على كل فقرة، أو تفاعلات مع كل فصل!

في العالم الطبيعي يقول المتحدث كلمةً ويمضي، لا يجلس يترقب تأثر السامعين بها لأيام، ولا يتوقع أن يأتيه من يعلق عليها أو يقول رأيه بها بعد شهور، وكذلك لا يقيّم السامع المعلومة على أساس تأثر جمهور العوام بها وتصديقهم أو تكذيبهم لها، بل لا يقيم رأي نفسه بحسب الإعجابات التي سترد عليه!

في العالم الطبيعي تاتي قيمة العالم أو الباحث من نتاجه العلمي، وتقييم الأقران له، لا من عدد جمهوره الافتراضيين في الفضاء المفتوح.

في العالم الطبيعي لا يرن جرس بيت الكاتب في كل مرة قرأ أحدهم كتابه أو تأثر بكلامه أو قال كلمة تذكره، فالكاتب قال كلمته ثم تجاوزها إلى ما بعدها، والقارئ يتأثر بالمكتوب ويتفاعل معه في عالمه وضمن ظروفه الخاصة..

ينبغي أن تعرف في هذا العالم أنك في بيئة لا تزكي النفس ولا ترفعها، لا تقربها من الإخلاص ولا تعينها عليه، لا تأبه بطمأنينتها ولا تعنيها سكينتها، لكن ستحيطك خوارزمياتها بما تظنّك تريد أن تراه، وستستمر بإشعارك أن الكون كله يشبهك ويفكر مثلك ويدور حولك طالما أنك مسلّم قلبك ليديها البائستين..

ذكّر نفسك بعد ذلك كله أنك هنا بين من لا يعرفون عنك إلا بضع كلمات كتبتها في منشور أو تعليق، أو بعض الصور التي اخترتها لتمثلك، وأن رأس مالك الحقيقي لا يأتي من أرقام افتراضية لا تدري ما الذي قُبِل منها، إنما من عمل مخلص صادق متوجه لله سبحانه وكما يرضى سبحانه وتعالى..

تذكر ذلك كله وأنت هاهنا، وقانا الله وإياكم فتنة هذه العوالم، وأعاننا على النفع والانتفاع بها دون الانحدار في فتنها..

تسنيم راجح