Get Mystery Box with random crypto!

{رحماء بينهم}، صفة للأمّة، و{بأسهم بينهم شديد} صفة لأعدائها. | السبيل

{رحماء بينهم}، صفة للأمّة، و{بأسهم بينهم شديد} صفة لأعدائها.

ولما كانت الشعوب المقهورة تسوء أخلاقها كما قال ابن خلدون فإن أول ما تعمل عليه أن تستبدل مواقع هاتين الصفتين، ثم إذ بالبأس يتضاعف، ولاسيما إن كان القهر استثنائيا لا مقارنة له.

وليس التوصيف اعتباطيا، فالشعوب المقهورة تنشغل في ما بينها لأنها لا تنتج، تسوء أخلاقها لأنها خاوية اليدين مما يقيم الأود لحياة كريمة، تسوء أخلاقها لأن مراكز التعليم تسوء، ولأن الفقر أو الإفقار باب عريض للشر والحسد وانعدام الإيمان...

نستيقظ وهدفنا وحيد، لحم مَن سننهش اليوم، وعلى منشور من سنفرغ كل أذى بأسماء وهمية، اجتهادٌ مطلق في العثور على شخص وقع أو أوقعوه لنشارك في الإجهاز عليه بكل السبل، نتربص كثيرا بمن لم يقع حتى يقع، وبمن وقع حتى لا يقوم، وحتى الذي لم يقع، نبحث له عن ماض سحيق لنحاسبه على صورة له مع شخص سيكون في المستقبل راكنا إلى ظالم، فإذا ما شبعنا من ضحية خلدنا إلى النوم بانشراح على أمل انقضاض آخر، وخلد الضحية إلى ركن عميق من الاكتئاب. أمّا أن يقع أحد في ضائقة مالية تجعله يفصح رغم ألم الإفصاح، فليست الموقعة مما يعنينا في شيء، نتجمع حيث تؤكل اللحوم وحدها.. نفعل كل ذلك انتقاما من الانتكاس والقهر، حال مؤلمة لا تنكر، ولا أعلم أين ينتهي بها وبنا الحال، وحتى الذي لم يقع بعد، لربما يأتيه زمان يجلس فيه بمجلس، في ركن منه عَلَمٌ لا نحبه، لن يشفع له ولو تعلق بأستار الكعبة أنه لا يد له، سيُنهش حتى يُقتَل داخله كاملا.

هذه الصورة توصيفية لمئات المشاهد التي شاهدناها، حتى إن قلت إن الحل في التزكية والتحقق بمقاصدها، لأنها منوطة بالنفس ولأنها التي تقود إلى مواقع البدء بالتحرك السليم لنهضة مأمولة، حتى لو قلت ذلك، سيأتي من يقول لك، أتقصد بالتزكية التصوف! ثم لتساق بعدها إلى مذابح التقرب من وهم التقوى.

د. أحمد علي عمر