Get Mystery Box with random crypto!

النصر الافتراضي وصناعة الوهم إنّ أخطر ما ينتج عن خلط الكرة با | السبيل

النصر الافتراضي وصناعة الوهم

إنّ أخطر ما ينتج عن خلط الكرة بالدين والقضايا الاجتماعية، هو خلق حالة نصر افتراضية أو هزيمة افتراضية بما يتعلّق بأمور حضارية وفكرية واجتماعية ودينية، هذه الكرة لم تعد لعبة، هذه سياسة منظمة في تخريب المنهجية العصبية للحضارة العربية والإسلامية!

ربما يتساءل البعض، أليس من المبالغة القول بأنّ الإنسان يتأثر بالواقع الافتراضي كما يتأثّر بالواقع الحقيقي؟ البتة وعلى الإطلاق.. فقد قيل قديماً: “ما قادك مثل الوهم”!. وعلى ما يبدو فإن مثقفنا المتدين الكسول قد أمل التغيير الحقيقي فراح يفرّغ عاطفته الحبلى بالعواطف في المعبد الحضاري الكروي، لينتقم بكل غباء من الحضارات المعادية، وليبدأ ببناء حضارته التي يحلم بها على سراب من الوهم الحضاري العاطفي الثقافي المتخبط التي تختلط المشاعر فيه دون إدراك!

ما يجري في كأس العالم لم يكن استحضاراً للجن بل استحضارًا للعاطفة القابلة للتوظيف وليس للبناء! نعم ما قادك مثل الوهم، إنّ الإنسان بداخلنا لا يفرق بين المؤثر الحقيقي وغير الحقيقي، وإنّ الجهاز العصبي يتفاعل مع المؤثر الذي يتعرض إليه سواء كان حقيقيا أو لا؛ لذلك أرى أنّ العالم الافتراضي قادر على إعادة هيكلة الثقافة انطلاقا من العواطف لا العقل والسلوك الإنساني وبالتالي من الممكن أن يشعر الإنسان بالانتصار وهو مهزوم!

إنّ إدارة السلوك بواسطة العاطفة بالطبع لا تتحقق بصورة أو موقف أو فعّالية، بل بمنظومة منهجية متكاملة تشمل كافة المجالات والمفاصل الاجتماعية والإعلامية، لذلك من المستبعد أن يتأثّر المواطن الغربي في مثل هذه السلوكيات لأنّه خاضع لمنطومة واثقة تحكم مدخلاته، في حين يتأثر المواطن العربي بالأفكار والمناهج الفكرية السلبية حكماً لأنّه مستهدف بشكل ممنهج ومنظم وبكافة المجالات المفصلية!

في المقابل فإنه من غير الصواب -أصلاً- أن نحقن الجيل الإسلامي بعواطف غير متوازية مع خطوات التثقيف العقلاني والفكري، لأنّ ذلك من شأنه في الوقت الراهن أن يجعل هذه الشرائح الاجتماعية العاطفية المستهدفة سهلة الانقياد الحضاري والتوظيف السياسي من قبل النقيض الحضاري. وعندها نكون أمام ظاهرة خطيرة وهي تغييب العقل واستحضار العاطفة القابلة للتوظيف لتحقيق مصالح الآخر السياسي أو العسكري أو الثقافي، بدلاً من أن تكون العاطفة والحماس أداة متزنة تتناغم مع العقل والتعليم، لتشكّل قوة حركية دافعة قادرة على الحضور في منظومة حضارات العالم!

أمّا التفاؤل بإمكانية تحوّل السجود في الملعب لثقافة عالمية وإنسانية تفاؤل في غير موضعه، فالسجود في الملعب هو للكرة والجمهور وإن كان ظاهره لله! وحتى لو تحولت السجدة جدلاً لثقافة عالمية، فأين الانتصار بأنّ نربي إنساناً وثنياً سلوكه لا ينبع من علمه بل من عاطفته! أليس الله هو من قال: {فاعلم أنّه لا إله إلا الله} [محمد: 19] بهدف ألّا يتحول الدين لأداة تكريس للوثنية المقنعة وكي لا يتحول بدوره أيضاً لفريسة آمنة للتوظيف السياسي! إنّ قناة التغيير الحضاري السليم ليست العواطف، وإنما التفكير والعقل!

المزيد في جديد مقالات السبيل: "أسلمة الكرة وإدارة الوهم!" بقلم د. علاء رجب تباب
https://bit.ly/3Gm6naX