Get Mystery Box with random crypto!

ركّز النبي ﷺ مع أصحابه في بداية الدعوة على السرية؛ مراعاةً لحا | السبيل

ركّز النبي ﷺ مع أصحابه في بداية الدعوة على السرية؛ مراعاةً لحال الرسالة ومحافظةً على عدد الحاملين لها وتحقيقًا للبداية الطبيعية لأي دعوة جديدة، فلما هاجر النبي ﷺ وبدأ التماس مع مجتمعات جديدة وثقافات مختلفة وعادات متباينة ومع الفتوحات المجيدة ورؤية أصحابها لنعم الله على أصحاب هذه البلاد، بدأ المربي ﷺ في التعامل مع هذا الانفتاح وتصحيح المفاهيم فقال عندما اجتمع الأنصار لما علموا بأن أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قادم من البحرين بمال: (فَوَاللَّهِ ما الفَقْرَ أخْشَى علَيْكُم، ولَكِنِّي أخْشَى أنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كما بُسِطَتْ علَى مَن كانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كما تَنَافَسُوهَا، وتُهْلِكَكُمْ كما أهْلَكَتْهُمْ). [البخاري، 4015] فانظر أين وقع خوف النبي ﷺ! لا من الفقر كما هو الحال المشهور وإنما خاف عليهم من فتنة الدنيا والتنافس عليها، “فإن الوالد المشفق إذا حضره الموت كان اهتمامه بحال ولده في المال فأعلَمَ -ﷺ- أصحابه أنه وإن كان لهم في الشفقة عليهم كالأب لكن حاله في أمر المال يخالف حال الوالد وأنه لا يخشى عليهم الفقر كما يخشاه الوالد، ولكن يخشى عليهم من الغنى الذي هو مطلوب الوالد لولده”. [1]

ومن هذا الباب أيضًا تحاوره مع أصحابه فيما سيكون تصرفهم عند انفتاح الدنيا عليهم، فقال لهم: (إذا فُتِحَتْ علَيْكُم فارِسُ والرُّومُ، أيُّ قَوْمٍ أنتُمْ؟ قالَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ: نَقُولُ كما أمَرَنا اللَّهُ، قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: أوْ غيرَ ذلكَ، تَتَنافَسُونَ، ثُمَّ تَتَحاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدابَرُونَ، ثُمَّ تَتَباغَضُونَ، أوْ نَحْوَ ذلكَ، ثُمَّ تَنْطَلِقُونَ في مَساكِينِ المُهاجِرِينَ، فَتَجْعَلُونَ بَعْضَهُمْ علَى رِقابِ بَعْضٍ). [صحيح مسلم، 2962]

فهنا تبصير بأن انفتاح الدنيا فيه فتنة كبيرة وأن بدايتها يكون بالتنافس عليها وينتهي بالفرقة والتباغض، قارن بين هذا وبين النظام العالمي الآن الذي يعلي من المنافسة مطلقا دون حدود وما يفتح ذلك من الفرقة بين المسلمين، ومنه أيضًا قوله: (إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يُفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها). [صحيح مسلم، 1052] “وزهرة الدنيا يعني: بهجة الدنيا، وقيل لها زهرة؛ لأنها كالزهرة تستهوي من نظر إليها، وتجذبه وتعجبه، وهي كالزهرة أيضاً في سرعة ذبولها وتحولها وتغيرها، ولكنّ الكثيرين ينظرون إلى ما فيها من الحسن والجمال والبهجة فتأسرهم أسراً وتشدهم إليها شدًّا فيقعون في وثاقها، ثم بعد ذلك يغفلون ويلهيهم ذلك عن ذكر الله وطاعته والتقرب إليه. وإذا حصل هذا التنافس حصل التسارع إلى عرضها الزائل، وحصل بسبب ذلك أيضاً قسوة القلوب، وما يضاف إلى ذلك من الوحشة في قلوب أهل الإيمان والعداوة والبغضاء”. [2]

المزيد في جديد مقالات السبيل: "الإسلام إذ يحررنا من المؤثرات الدنيوية القاهرة!" بقلم عمار يسري
https://bit.ly/3k4Mk9E