Get Mystery Box with random crypto!

من السمات الواضحة لهذا العصر هي القولبة، كل شيء بات مقولبًا بش | السبيل

من السمات الواضحة لهذا العصر هي القولبة، كل شيء بات مقولبًا بشكلٍ لا يقبل إعادة النظر أو التفاوض، ونجد أنّ الملَكَة الفقهية باتت ضامرة عند الكثير من المشتغلين في مجال الفكر والدعوة فضلًا عن عموم الناس، فأصبح الكثير لا يحسن تصوّر الأمور إلا في شكلٍ وقالبٍ واحد، إما أبيض أو أسود، إما حلالٌ خالص أو حرامٌ مُطلَق، دون إدراك أنّه ثمة لون رماديٌ، وألوان كثيرة بين هذين اللونين، وبحسب القرائن المصاحبة لكل قضيّة وحالة يكون اللون الموافق لها هو المناسب، ولكن ما نراه الآن هو الزجّ بصاحب السؤال أو الإشكال إلى أقصى غاياته لعدم امتلاك مرونة الملكة الفقهية التي تضع كل حالةٍ على نحو ما يناسبها.

وهذه الحالة لا تتوقّف عند عتبة الحاضر، بل امتدّت لتفعل فعلتها بين دهاليز الماضي، فنجد أنّ البعض عندما يعودون لقراءة أحداثِ الماضي لا يُحسِنُون خوض غماره دون اصطحاب قوالبهم الفكرية، فيصنّفون الأحداث حسب مقاييس قوالبهم، بل إذا وجدوا أنّ بعض السياقات لا تحتمل القولبة، فإمّا أن يمزقوها لتناسب القالب، أو يطمسوها، ثم يستنطقون قوالبهم للخروج بالنتيجة التي رسموها بداية، وتصبح كل الأحداث التاريخية تدور بشكل “منسجم” مع أفكارهم وتخدمها وكأن التاريخ ما كُتِبَ إلا لهم، فالحاصل أنهم اعتقدوا رأيًا ثم حملوا أحداث التاريخ عليه دون تورّعٍ أو عدالة.

المزيد في جديد مقالات السبيل: "جناية الحاضر على الماضي" بقلم شيماء مصطفى
https://bit.ly/3HG8E2Y