Get Mystery Box with random crypto!

تحدثت من قبل بأن مفهوم الإنسان لا يتحدد إلا بما يجعله يتجاوز ح | السبيل

تحدثت من قبل بأن مفهوم الإنسان لا يتحدد إلا بما يجعله يتجاوز حيوانيته، أي بما يتجاوز الغريزة، وهنا بالذات تتجلى الإرادة الحرة، المرأة التركية التي رفضت الخروج من الركام حتى يؤتى بحجابها تمثل تجسيدًا عظيما لهذا المعنى، لم يمنع الخوف، ولا إرادة الحياة تلك المرأة من أن تتصرف بما يتجاوز الغريزة، واختارت حكم الفطرة، المؤسس بأمر الثقافة، المجسدة هنا في الدين... ولا يقال هنا بأن هذه المرأة خضعت لحتمية أخرى، هي حتمية الثقافة، لأنها كانت قادرة على عصيانها والانصياع للغريزة، صاحبة التحكم الأكبر قطعا، ولن يلومها أحد (لا وجود لحتمية اجتماعية أيضًا)... ولا يتجلى التسامي في مجرد عصيان الغريزة هنا، بل يتعداه إلى النموذج المقصود بذاته، فالسترة في التصور الديني هي من تجليات صحة الفطرة وسلامتها، فعبرها يتم تحييد أكبر الغرائز البشرية، أقصد هنا غريزة الجنس، عبر التقليل/تحييد كل مايمكن أن يؤدي إلى النظر إلى الآخر بوصفه "بدنًا"...

قريب من هذا قصة الشيخ الذي ذهب إلى شباب الغوث مستفسرًا عن إمكانية التبرع بالثياب المستعملة، فلما رُد عليه بالإيجاب، خلع سترته ومنحها لهم...

هذا التسامي الفطري، والسلوك الإيثاري لايمكن تفسيره بكل أطروحات الأخلاقيات التطورية الفردية منها والجماعية، فهل يمكن أن ينزل العذاب بهؤلاء؟ أم أنه بلاء الرفعة والتطهير!

نور الاسلام بن عباس