Get Mystery Box with random crypto!

ظاهرة الذوبانية.. تاريخ الظهور في محاولةٍ لتتبع الخط الفكري ا | السبيل

ظاهرة الذوبانية.. تاريخ الظهور

في محاولةٍ لتتبع الخط الفكري الذي أفضى إلى بروز تلك الظاهرة، سنلاحظ أنّ بحث أصول الفردانية أمرٌ مهم، إذ إنّ عددًا كبيرًا من المتأثرين بإشكالية الذوبانية يصنفون على أنهم فردانيون، لذا فإن بحث نشوء وتطور الفردانية ومعرفة الإرهاصات المجتمعية التي وُجدت إبان بثها في مجتمعاتنا؛ سيعيننا على إدراك السبب الذي جعل تلك الفردانية -في أغلب حالتها في مجتمعاتنا- فردانية ظاهرية، وتكمن في طياتها الذوبانية.

إنّ التأسيس لفكرة الفردانية كان رد فعل مضاد خرج من مجتمعات ترزح في النظريات الكُليانية، فـ (ريمون بودون) مؤسس الفردانية المنهجية مَقَتَ الماركسية المؤسسَة على منطق الصراع بين الطبقات الاجتماعية؛ مما دفعه إلى التوجه نحو تأصيل رؤيته المناقضة لهذا التيار، حيث أقام منهجه في دراسة الواقع الاجتماعي بناءً على الفرد وليس على الطبقة، مما سمح بإزاحة النظريات الكليانية الهاضمة للفرد من التفسير الاجتماعي.

بدأت الفردانية تتبلور وتتضح معالمها، وبات من الممكن تعريفها بأنها “توجه نظري وفلسفي يقوم على إعطاء الأسبقية للفرد على المجتمع من خلال استناد قرارات الفرد على منفعته ومتعته الشخصية باعتباره مركز كل شيء، وحوله يدور كل شيء، فمصالحه الشخصية تتحقق فوق اعتبارات الدولة وتأثيرات المجتمع والدين” [الفردانية المنهجية وتقويض أسس التصورات الشمولية – د.الفرفار العياشي]

وقد تمكَّن بودون من تقديم مقولة الفرد كأداة مهمة في فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية مُزيحًا التصورات الشمولية، واستطاع أن يُبرز البُعد الفردي عند رواد الاتجاهات الكليانية مثل كارل ماركس وإميل دوركايم، فبالرغم من تجاهلهم للفرد واعتباره نقطة عبور للأفكار الجماعية وتقديم النظام والطبقة والمجتمع عليه، إلا أنهم وجدوا أنّ التغيرات الاجتماعية لا تقع في مساحة فراغ عدميّة، بل تقع في محيط يحوي أفراد يكون لهم تأثير في تبلور الصورة النهائية للمجتمع، فالوعي الجمعي لا يلغي الوعي الفردي، لكنه يؤثر فيه.

المزيد في جديد مقالات السبيل: "كيف تدفع الفردانية لتذويب المجتمع في الفرد؟ .. تعرّف معنا إلى ظاهرة الذوبانية" بقلم شيماء مصطفى

https://bit.ly/3B3K8nY