Get Mystery Box with random crypto!

تطور الفردانية إلى الذوبانية  سنجد في خضم توصيف بودون للفردان | السبيل

تطور الفردانية إلى الذوبانية

 سنجد في خضم توصيف بودون للفردانية ذكره لفكرة “التذويب”، حيث “إنّ المنهجية الفردانية حسب ريمون بودون، تستوجب أن يُنظر إلى الفرد في ظل نسق من التفاعلات، وأنه بمثابة ذرات يتطلب دراستها وفهمها قاعدة منهجية لتحليل سلوكياتها وتصرفاتها بالقطع مع المسلمات الكلاسيكية المغالية في تفسير أنساق التفاعل والتغير الاجتماعي والتي تعمل على تذويب الفرد فيها”[الفردانية المنهجية – الفرفار العياشي].
ويتضح بجلاء من سياق ورود لفظ التذويب عند بودون -في معرض حديثه عن تأثير النظريات الكليانية- أنّ مدلولها هو اعتبار الفرد عنصر ذائب في المجتمع الكلي، يتشكل بحسبه ويعيش تحت سطوته.
لكن الذوبانية المجتمعية الآنية -والتي نقصدها في هذا المقال- تحمل مدلولًا مختلفا، إذ إنها تصف ذوبان الفرد في مجتمع أو كيان جزئي (جماعي أو فردي) بغض النظر عن الشمولية الاجتماعية، وإنما هذا الذوبان يكون بمحض إرادته بدايةً تحت ضغط دوافع عدة.
عندما بحثتُ عن الفكرة الكامنة في الفردانية الظاهرية، لم أجد أنسب من هذا المصطلح -الذوبانية- في وصفها، إذ إنّ التعريف الأعم والأشمل للفردانية هو التمحور حول الذات، بينما نلاحظ سلوك آخر مُتمثِّل في أشكالٍ عدة مآلها ذوبان الذات، وتمحورها حول الغير، فإما أن تجد بعض الأفراد فاقدين ذواتهم تمامًا ذائبين في مجموعهم بشكل سلبي متباين عن الاجتماعية أو الانتماء، أو فاقدين ذواتهم محاولين تشكيلها بمقياس بعض الكيانات أو الأفراد الذين انبهروا بهم، وهذا واضحٌ في حدثاء السن وتأثرهم بمن يسمون أنفسهم “مؤثرين”، فتذوب ذواتهم ويتمحوروا حول الذات الأخرى، وهذا الأمر شديد السلبية ومآلاته لا تقل خطورة عن مآلات الفردانية، ويستحق أن يُعتنى به للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.

التقاطع بين الفردانية والذوبانية

وبالرغم من أن الذوبانية تعتبر سلوك متباين عن الفردانية، إلا أنها من جهة أخرى يمكن أن تكون مؤدية لها، إذ إنّ الفردانية يمكن أن تنشأ عن ذوبانية الفرد حول شخص فرداني فينتقل هذا السلوك إليه، فهو تعرض إلى عمليتين:
١- أنه وقع في الذوبانية وفقد ذاته، وتأثرت أو التفّت حول ذاتٍ أخرى متبنية الفردانية.
٢- أنه تبنى هذه الذاتية الجديدة وصُبِغ بها حتى أصبح فرداني، ولكن جوهر فردانيته غير أصيل.
فهذان المصطلحان -الفردانية والذوبانية- متباينان من جهة، ويؤدي أحدهما إلى الآخر من جهة أخرى، وكلاهما جدير بتدمير المجتمع السوي، وإغراقه في تمزق أو تشوه اجتماعي.

المزيد في جديد مقالات السبيل: "كيف تدفع الفردانية لتذويب المجتمع في الفرد؟ .. تعرّف معنا إلى ظاهرة الذوبانية" بقلم شيماء مصطفى
https://bit.ly/3B3K8nY