إنّ أول ما ينبغي للمرء أن يتعلّمه من العلم هو ما يمسّ حياته مس | السبيل
إنّ أول ما ينبغي للمرء أن يتعلّمه من العلم هو ما يمسّ حياته مسّا مؤثّرا في يوميّاته وحاكمًا على مصيره في المعاد. لا يعقل أن ينفق المرء أوقاتًا عظيمة في دراسة علوم نظريّة، وإنْ كانت متعلّقة بالكتاب والسنّة، وهو بعدُ لم يسلك مدارجه الأولى في عبادة خالقه حقّ العبادة بعد معرفته حقّ المعرفة، أو وهو ما يزال طفلا في الأخلاق والآداب، عاجزًا عن ترويض نفسه، لا يخالق الناس بخلق حسن، ولا يضبط علاقاته بهَدْي الآداب القرآنية والنبوية. وكثيرا ما يغفل الشباب من أهل الحمية الدينية عن هذا، فيندلعون كالنار في أكل الكتب الفكرية والعلمية في مباحث العلوم الشرعية المختلفة ومنها علوم الآلة، وما زالت نفوسهم لم تستقم كما أُمِرَتْ، ولم تُهذّب التهذيب القرآني النبوي الذي تزخر به نصوص الشريعة. والسبب في ذلك سهولة تداول الأفكار وارتباطها بشغف مركوز في أذهانهم، فهي موافقة لهواهم، ولهذا يسهل التقدّم فيها. أما علم العبادة وطلب طريق الآخرة وتهذيب النفس ورياضتها لتلزم الحق وتتخلّق بالأخلاق الحسنة مع النّاس فأمامه عراقيل كثيرة أولها هذه النفس المعجونة بالهوى والشهوات، وهو علم يحصل برياضة النفس ومقاومة الهوى وبناء الإرادة لبنةً لبنةً حتى يحصل التغيير في القلب وينعكس على الجوارح بتوفيق الله سبحانه.
