2022-06-19 20:23:42
* نفائس من تفسير تسنيم (٢٣٦) (٢٣٧)*
أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)
سورة البقرة
* معنى الفلاح.*
«﴿اُولـَٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ﴾: الناجون ممّا منه يوجلون، الفائزون بما يؤمّلون».
إشارة: إنّ المحور الرئيسيّ للفلاح هو تزكية النفس: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ ، وتزكية النفس لابدّ أن تكون مشفوعة ﺑ «أعمال» خاصّة ذُكر بعضها في سورة المؤمنون، وبعضها الآخر مذكور في سور أخرى من القرآن، كما أنّ تزكية الروح تكون مصحوبة ﺑ «تروك» معيّنة يقال لها موانع الفلاح، مثل: الظلم، والافتراء، والكذب، وتكذيب آيات الله، ...الخ.
إنّ الأحاديث، التي ذُكِرت بشكل موسّع في إطار تحليل معنى الفلاح، وعلله وعوامله، وكذلك أسبابه وعلاماته، هي مستنبطة من الأصول القرآنيّة التي قد تمّت الإشارة إلى عناصرها المحوريّة.
لقد ورد ذكر المصداق الأبرز للفلاح (وهو وقاية النفس من الشحّ والتقوى من البخل) في كلام أمير المؤمنين (ع): *«من اهتمّ برزق غدٍ لم يفلح أبداً».* ومن الجدير بالذكر هنا أنّه بين السعي في كسب الحلال وتحصيل الرزق وبين الهمّ والقلق على رزق المستقبل بون شاسع، حيث أنّ أحدهما محمود والآخر مذموم.
تنويه: بما أنّ عنوان المتّقين هو صفة مشبهة، وليس اسم فاعل، فإنّ له معنى إيجابيّاً. ومن هذا الباب فإنّ الأوصاف الخمسة التي ذكرت فيهم جاءت على هيئة الفعل المضارع مع الاستمراريّة، ونتيجة لذلك جاء البيان في الخاتمة بعنوان صفة المَلَكة، لا الحال: ﴿اُولـَٰئِكَ عَلَى هُدًى مِن ...﴾، ولا تنافي بين هذا الموضوع وبين ما جاء في نهاية السورة بصيغة الفعل الماضي، إذ على الرغم من أنّ البيان في آخر السورة أتى على النحو التالي: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ ... كُلٌّ ءَامَنَ ...﴾ ، لكنّه في تلك الآية أيضاً يُستنبَط معنى «المَلَكة» وليس «الحال»؛ إذ جاء التعبير بصيغة المضارع في نفس الآية كالتالي: ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ...﴾.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦)
سورة البقرة
* الإنذار هو الرسالة المحوريّة للأنبياء.*
على الرغم من أنّ هداية القرآن عامّة ولا تختصّ بالمتّقين، إلاّ أنّ الكفّار لا يجنون منها ثمرة؛ لأنّهم، وبسبب عنادهم المتعمّد، قد أوصدوا باب الهداية بوجوههم حتّى أصبح الأمر بالنسبة لهم سيّان، اُنذِروا أم لم يُنذَروا.
إنّ للإنذار ـ الذي هو الرسالة المحوريّة للأنبياء، والهدف من النَّفْر الثقافيّ للفقهاء ـ دوراً فاعلاً في هداية الأشخاص المستعدّين، إلاّ أنّ الكفر الذي يكون عن عناد (وليس الكفر البسيط الناشئ عن الغفلة، والذي يزول بالإنذار) هو عائق أمام تأثير الإنذار.
تفسير تسنيم ج ٢ ص ٢٤٩
http://t.me/albatoolquran
117 views17:23
م
