2022-08-01 22:31:50
مات قبل النشر…الروائي محمد سعيد سيف: أنا أحمر مميز
الاشتراكي نت / علي سالم المعبقي
الإثنين, 01 آب/أغسطس 2022 22:21
حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط طباعة البريد الإلكتروني كٌن أول من يعلق!
قيم الموضوع
1
2
3
4
5
(0 أصوات)
مات قبل النشر…الروائي محمد سعيد سيف: أنا أحمر
أجريت هذه المقابلة المصورة مع كاتب “شارع الشاحنات”، الروائي محمد سعيد سيف، يوم 3 سبتمبر 2020، وبعد أقل من 3 شهور، وتحديداً عند حوالي الساعة الثالثة فجراً من يوم 19 نوفمبر 2020، أيقظ سيف زوجته طالباً منها أن تعد له الشاي وتعطيه سجائر. لبت الزوجة الطلب، ثم عادت للنوم. وعندما استيقظت مرة أخرى عند صلاة الفجر، وجدت زوجها جثة هامدة، حسبما تنقل عنها منى الشيباني، ابنة شقيق الراحل سيف.
لحظة وصولنا إلى الموقع الذي حدده لنا عبر الهاتف -مدرسة الإصلاح في قرية الهويشة الأجروم من منطقة “بني شيبة غرب”، مديرية الشمايتين في محافظة تعز- بدا محمد سعيد سيف، نحيلاً، مبتسماً، يحمل بيده كيساً بلاستيكياً يحوي أوراقه وكراساته، تماماً كما رأيته أول مرة في مطلع تسعينيات القرن العشرين، في كلية الآداب جامعة صنعاء؛ وكأن الزمن بقي ثابتاً، وما تغير هو المكان فقط.
في تلك الكلية التي تفردت، في تلك الفترة عن بقية كليات جامعة صنعاء، بحديقة وارفة، وقع الطالب في كلية التربية، قسم لغة إنجليزية، محمد سعيد سيف، في حب طالبة تنتمي إلى طبقة ثرية، ولأنه حب من طرف واحد فقد انتهى بالإخفاق، تاركاً ندبة في وجدان الكاتب الشاب، لكنها ندبة واحدة في حياة مليئة بالندوب والآلام، حسبما يروي سيف لـ”يمن سايت”.
بوهيمية ثقافية
خلف الطاولة الوحيدة لمقهى صغير يقع أمام مدرسة الإصلاح الأساسية الثانوية التي يعمل فيها معلماً لمادة اللغة الإنجليزية، جلس سيف يرشف الشاي ويدخن السجائر محاولاً سرد حياة لم يتوقع على الأرجح أن يأتي من يحاول نبشها.
من دون أن يدع الذكريات الأليمة تطفئ ابتسامته المعهودة، يقول سيف: “منذ الطفولة وحياتي كلها شقاء وتعب ومشاكل نفسية ومادية”، مؤكداً أن كتاباته تجسيد لحالة الشقاء التي عاشها.
تقدم تجربة سيف، الكتابية والحياتية، مثالاً للكيفية التي تؤثر فيها الأفكار على بعض الأشخاص اللادينيين في شكل يجعلهم يتلاقون مع أتباع الديانات في نفي الجسد والتسامي على الحياة المعاشة، بل معاداتها أحياناً.
يتحدث سيف عن نوبات اكتئاب داهمته في مراحل مختلفة من حياته، مشيراً إلى أن تلك النوبات لم تكن ترفاً خالصاً، بل نتيجة صعوبات معيشية شديدة القسوة. وثمة بين معارفه من يشير إلى البوهيمية الثقافية بوصفها عاملاً إضافياً يدفع بعض الكتاب إلى حياة التشرد والعبثية.
من أصدقاء سيف الذين قاربوا حياة البوهيمية، الشاعران عبدالله قاضي وتوفيق سيف القباطي ، والأخير مات قبل عام أعزب.
في أواخر ثمانينيات القرن العشرين مزق سيف مخطوط روايته “على باب الشمس” التي كانت جاهزة لتنشر مسلسلة في صحيفة “الثورة” اليومية. “شعرت بعدم جدوى العالم والكتابة، فمزقتها”؛ يقول سيف الذي تمكن خلال العقد الماضي من أن يعيد كتابة “على باب الشمس”، إضافة إلى رواية ثانية بعنوان “حكايات أبي زيد الصغيرة”، سلمهما إلى دار “أروقة للنشر”، حسب قوله.
تلكما الروايتان، إضافة إلى ثالثة بعنوان “إنسان الظل”، تركها قبل مماته شبه مكتملة، كانت ثمرة انتقاله بعد تخرجه من الجامعة عام 1994، إلى القرية التي وإن استقر فيها وتزوج، بيد أن جذر الشقاء متمثلاً بالمعاناة الاقتصادية، وما يترتب عليها من مشاكل عائلية، ظل نشطاً يولد نوبات اكتئاب، ويستدعي طيوف الانتحار.
يشكو سيف الذي انفصل عن زوجته الأولى، وتزوج بثانية، من عدم قدرته على التكيف مع محيطه. مشيراً إلى مضايقات ظلت تطارده في تعز ثم في صنعاء، واستمرت أيضاً في القرية، وإن “كانت هنا أقل حدة”.
في وقت متأخر من إحدى الليالي، شعر سيف بحالة بؤس وإحباط، فكان أن قاده طيف الاكتئاب إلى إغلاق غرفته من الداخل، وصب الكيروسين على جسده وإشعال النار فيه، إلا أن زوجته تمكنت في اللحظات الأخيرة من إنقاذه.
يقول سيف وآثار الحروق مازالت ظاهرة على أجزاء من جسده: “حاولت الانتحار مرتين: الأولى معنوياً بتمزيق الرواية، والثانية مادياً بإحراق نفسي. نجحت في الأولى، وأخفقت في الثانية”.
أنا أحمر
على غرار نساك وزهاد الديانات الذين يكرسون حياتهم للعبادات، تاركين ملذات الحياة، كرس محمد سعيد سيف نفسه للكتابة والقراءة. لكنه وبخلاف رجال الدين كان يأمل أن يستمتع بالحياة توازياً مع متعة الكتابة، إلا أنه وجد نفسه بلا خيارات. لم يكن أمامه سوى أن يضحي بالكتابة من أجل الحياة، أو الاستمرار في الكتابة والقراءة على حساب متع الحياة، فكانت الكتابة خياره الوحيد.
في سنته الجامعية الأولى (1981/1982)، فاز سيف بجائزة القصة القصيرة في المسابقة الأدبية لجامعة صنعاء في دورتها الأولى. كانت تلك “سنة رائعة” كما يصفها، وكذلك كانت السنة الث
58 views19:31