2022-07-29 18:53:08
الهاشمية" كمكون اجتماعي ينطوي على تعدد وتنوع طبقي وسياسي وفكري وسيكولوجي، وبين الحركة الحوثية كحركة سياسية مسلحة لا تمثّل إلا نفسها ومصالحها الخاصة، وينبغي التمييز بين الاثنتين.
إذن اعتبار البعض "الحوثية" بأنها تمثّل أو تقود "الهاشمية"، محض كلام فارغ يكذِّبه الواقع العَيني؛ إذ ليس كلّ "هاشميّ" هو "حوثيّ" أو يناصر "الحوثية" بالضرورة، وفي المقابل ليس كل من يناصر "الحوثية" هم "هاشميون" بالضرورة، بل إن هناك أفراداً كثيرون ليسوا بهاشميين ولا ينحدرون من "المنطقة الزيدية" يقفون مع "الحوثية"، وربما بعض هؤلاء يتعصّبون للحوثية بصورة أشد من تعصّب "قادتها" لها.
عاشراً: استخدام مصطلح "الهاشمية السياسية" يعمل على إهدار أي فرصة للتواصل الإنساني، وبتر للعلاقات الإنسانية والاجتماعية وتحويلها إلى علاقات أشبه بعلاقات قطيعية، ترتسم في فضاء من التعصب والأحكام القيمية ضد الآخر، فالآخر هو الشر، هو الجحيم، هو الرذيلة. هذا التنميط والاختزالية للآخر يقابله اتجاه تفضيلي نحو الذات، فالذات هي مصدر الخير وهي عنوان الفضيلة.
هذا الخطاب غرائزي ويتجرد من كل منطق عملي، ويعزز من ثقافة الكراهية، ويكرّس الاتجاهات التعصبية لدى أفراد المجتمع، في الوقت الذي يمارس فيه هذا الخطاب اغتصاباً للعقول من خلال نشر الأكاذيب وتأويل الأحداث والوقائع على نحو ديماغوجي بهدف تأجيج مشاعر الناس وتحريضهم ضد بعضهم البعض.
وكل ذلك يؤدي إلى تغييب قيم العقلانية والحكمة والتسامح والعلاقات الإنسانية على حساب طغيان قيم التطرف والإقصاء والعدوانية و"العصبية الجاهلية".
عندها تصبح البيت الشعري للشاعر عمرو بن كلثوم معبّرة عن واقع حالنا المأساوي:
"ألا لا يجهلنّ أحد علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا"!!
صفوة القول: مصطلح "الهاشمية السياسية" هو مصطلح مخاتل، ويفضي إلى بناء مواقف خاطئة بل كارثية على صعيد السياسة والعلاقات الاجتماعية، ويكرّس المنطق الطائفي، ويعمل على تجزئة المجتمع إلى كيانات أولية متناحرة تقوم على أساس الاصطفافات الطائفية والقبلية والمناطقية والقروية، مما يعني في المجمل إدامة الفَوَات التاريخي بتعبير المفكر القومي ياسين الحافظ، وإدامة حالة التخلف والجَهالة، وتقويض كل ممكنات التحرر الإنساني وبناء مجتمع المواطنة.
إن الحاجة الوطنية الراهنية تفرض إنتاج خطاب وطني ديمقراطي لمواجهة الخطاب الطائفي والشحن المناطقي والتحريض الديني، خطاب يُعلي من اسم اليمن شعباً وتاريخاً وأرضاً وهوية جامعة.
هوامش وإحالات:
[1] سيلاحظ القارئ أن الكاتب قام بوضع قوسين مزدوجين (" ") على لفظ "الهاشمية" ومشتقاتها: "الهاشميون"، "بني هاشم"،...إلخ، أينما ورد، وذلك للتأكيد على تحفظ الكاتب على هذه الألفاظ، واستخدامها هنا جاء لاعتبارات إيضاحية سياقية ولا تحمل أي مدلولات سياسية يتبناها الكاتب.
[2] من المهم إيراد النص الذي تضمن في ثناياه شهادة اللواء عبدالله جزيلان:
"أحاديث تدعو إلى تفتيت الوحدة الوطنية:
كنت ومعي الزملاء أحمد ثابت وعبدالله السنياني والشيخ علي حيدر رحمه الله ننتظر أن نسمع تعليق صوت العرب خصوصاً وقد بدأت حرب الكلام بين القاهرة وصنعاء. وكنا نتعمد رفع صوت المذياع لأن بعض الأسر المالكة ساكنة إلى جوارنا. وأدير مؤشر الراديو على إذاعة صوت العرب من القاهرة. وبدأ صوت ناصر السعيد ينساب هادئاً في بادئ الأمر ثم يرتفع رويداً رويداً داعياً إلى الثورة في الجزيرة العربية كلها.
وتحدث "الدكتور" عبدالرحمن البيضاني حديثاً عجباً، فهاجم الهاشميين هجوماً عنيفاً بلا مبرر، غير مدرك أن ما يقرب من ثمانين في المائة من ضباط الثورة هم من الهاشميين (التشديد من الكاتب) كما أن عدداً كبيراً منهم في السجون جزاء إعلانهم عصيانهم وتمردهم على أسرة حميد الدين الحاكمة في صنعاء، بل وهم في كل الانتفاضات في المقدمة.
وكان لحديث "الدكتور" عبدالرحمن البيضاني وقع سيء في نفوس الجماهير، وضباط الثورة، وجاء إلى منزلي بعض الضباط وكما أذكر الملازم أول السيد علي المؤيد، والملازم أول السيد عبدالله المؤيد والملازم أول السيد حسين شرف وغيرهم وقالوا وعلامات الحزن والألم قد برزت على وجوههم.
- يا أفندم لو كان ما يقوله البيضاني هو رأي القاهرة فكيف نقوم بثورة تساعدها القاهرة وترتبط مصيراً بها؟
فقلت لهم: يا إخواني إن البيضاني لا يعرف عنا شيئاً، فدعوه يتكلم كما يشاء وما سنقوم به هو عمل من أجل تخليص شعبنا من هذا الحكم الكهنوتي البغيض. وكاتب هذه السطور متأكد أن القاهرة لا تقبل مثل هذا الكلام الشاذ فالقاهرة في اعتقادي هي مجمعة الشعوب لا مفرقة.
وسأتصل بالأخ الطيار عبدالرحيم عبدالله والأخ محمد عبدالواحد لإبلاغ القاهرة بإيقاف مثل هذه الأحاديث التي تدعو إلى تفتيت الوحدة الوطنية وتخدم السلطة الحاكمة في صنعاء..
اتصلت بالأخ محمد عبدالواحد وأخبرته بما حدث من رد فعل نتيجة لجهل "الدكتور" عبدالرحمن البيضاني بالمجتمع اليمني.
وأخبرت الطيار عبدالرحيم عبدالله بما حدث نتيج
127 views15:53