المقدمة .. الجزء الأول من كتاب عمدة الأحكام شرح الشيخ اب | الفقه بالأدلة من الكتاب والسنة
المقدمة .. الجزء الأول من كتاب عمدة الأحكام شرح الشيخ ابن عثيمين
https://t.me/foaedomdatalahkam/889
فوائد فقهية من الحديث الثالث .. عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وابي هريرة، وعائشة رضي الله عنهم قالوا؛ قال رسول الله ﷺ :
( ويل للاعقاب من النار)
- إثبات النار لقوله : ( من النار ) . س - فهل النار موجودة الآن ؟ ج - نعم النار موجودة الآن
لقول الله تبارك و تعالى : (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) و الصيغة هنا ماضوية فتكون الآن موجودة . . و كذلك جاء في السنة بأن النبي ﷺ رآها . و كذلك في القرآن : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) . س - هل النار فانية أو باقية ؟ ج - نقول هي باقية و لا شك عندنا في ذلك و القول بأنها فانية قول شاذ ضعيف . نقول إنها باقية أبد الآبدين :
لقوله خالقها جل و علا ، قال الله تبارك و تعالى في سورة النساء :
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا☆إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ) و هذا صريح ، و إذا كان الباقي خالد أبدا ، فمكانه باقي أبدا . كيف يخلد إنسان أبدا في شيء يفنى ؟ !! . و في سورة الأحزاب قال الله تبارك و تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا ☆خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ ) . و في سورة الجن : ( وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) ثلاث آيات من القرآن . خالق النار يحكم بالتأبيد ، و هذا أيضا خبر لا يمكن يدخله النسخ . و عدم ذكر التأبيد في بعض الآيات لا يدل على إنتفائه لأن عدم الذكر ليس ذكرا للعدم ، فكيف إذا وجد الذكر ؟ !! ... فالمسألة عندنا عقيدة و يقينية : أن النار مؤبدة أبد الآبدين و لا يمكن أن تفنى و لا إشكال عندنا في ذلك و هو من عقيدتنا .
- فإن قال إنسان : ما تقولون فيما ثبت عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال أن الله قال : ( إن رحمتي سبقت غضبي) ؟ . ج - نقول : صدق الله و رسوله . ( رحمة الله سبقت غضبه ) لكن : ألم يجعل الله للإنسان عقلا ؟ ألم يرسل إليهم الرسول ؟ ألم يقم عليه الحجة ؟ ألم تأته البينات ؟ هذه رحمة أم ليس رحمة ؟ ج - رحمة . نعم لو أن الله لم يرسل رسلا و تركهم لعقولهم لكان تعذيبه إياهم غير رحمة لكنه قال : ( رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّة بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ ) . ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِير ٌ ☆ قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ) ثم ندبوا أنفسهم : ( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ☆ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ) . إذن الله سبحانه و تعالى : أقام الحجة و أزال العذر و أوضح الطريق و قال إذا كفرتم أنتم مخلدون في النار أبدا . فقالوا بلسان الحال و المقال : نختار ذلك : نختار إيش ؟ نختار الكفر و أن نخلد في النار أبدا . . و هذه الأدلة . فأي انتفاء للرحمة ، و قد قامت الحجج و البينات ؟ !!
- أن العقوبة تتجزأ بحسب الذنب كيف ؟ . ج - لأنه قال : (ويل للأعقاب من النار) بعض العلماء يقول : إن المراد أصحاب الأعقاب لأن العقب نفسه لا يهدد بالعقوبة . لكن هذا القول ضعيف من وجهين : الوجه الأول : أنه مخالف لظاهر اللفظ فالنبي ﷺ يقول : (ويل للأعقاب) . لا سيما إن صحت الكلمة الكلمة الأخرى : و بطون الأقدام ، يعني واضح بالتجزئة : (ويل للأعقاب) . فكيف يقول الرسول ﷺ : (ويل للأعقاب) و نحن نقول : ( ويل لأصحاب الأعقاب ) ؟ هذا إخراج للفظ عن ظاهره . الوجه الثاني : أن كون الوعيد يقع على ما حصلت به المخالفة هو تمام العدل و الله عز و جل حكم عدل . فإن قال قائل : و العقب إذا تألمت تألم بقية الجسد لقول النبي ﷺ : (مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاضدهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر ) قلنا : نعم لكن تألم الجسد ، لتألم عضو من أعضائه ليست كتألمه كله . يعني لو كانت الجروج قد ملأت الجسد ، فإنه أشد ألما مما لو كان جرح في موضع واحد . .. 11