Get Mystery Box with random crypto!

اللهُ تعالى عَنْهُ، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِ | القناة الرسمية للشيخ أبي الحسن علي الحجاجي

اللهُ تعالى عَنْهُ، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بعث رجلا إلى كبار المشركين يدعوهم إلى الله، فجعل ذلكم الرجل المشرك يقول: إلهكم الذي تدعون إليه أَمِن ذهب هو؟ أمن فضة هو؟
أي: يسخر ويستهزئ برب العالمين سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى
فعند ذلك يرجع ذلكم الصحابي إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فيخبره الخبر فيقول له: ارجع إليه فادعه إلى الله، فيرجع إليه مرة ثانية، فيكرر عليه ما كرر عليه في المرة الأولى، ويرجع إليه في المرة الثالثة فأرسل الله عليه صاعة من السماء، فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: *﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ ‌فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾* [الرعد: 13].
أرسل الله عليه صاعقة فأخذته بسبب كفره وإلحاده، بسبب استهزائه وسخريته، فاحذر يا مسلم، *﴿‌وَمَا ‌رَبُّكَ ‌بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾* [هود: 123]، احذر يا مسلم، *﴿‌وَلَا ‌تَحْسَبَنَّ ‌اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾* [إبراهيم: 42]، احذر يا عبد الله أن تستهزئ بشرع الله، أن تستهزئ بدين الله، أن تستهزئ بالمتمسكين بشرع الله من أجل تمسكهم؛ فإنه يخشى عليك من العذاب العاجل قبل الآجل.

الْـخُــطْــبَــةُ الْــثَـانِـيَــة

الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ:

*أيها المسلمون عباد الله؛ إن من أسباب السخرية والاستهزاء بدين الله عَزَّ وَجَلَّ لهو: المكوث في أوساط الكفار، والجلوس بينهم، والرضى بقوانينهم، ووضعهم الذي هم فيه،* فإن هذا مما يسبب للمسلم أن ينكر شريعة الله، وأن ينكر دين الله، وأن يسخر من شرع الله عَزَّ وَجَلَّ بسبب مكوثه في أوساط هؤلاء المجرمين، وفي أوساط هؤلاء الكفار الملحدين، لأن الجليس جنيس، ولا شك أن المسلم يتأثر إن لم يجاهد نفسه، وإن لم يكن على انتباه؛ لأن النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ قال: *«الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ ‌مَنْ ‌يُخَالِلْ»*(4)، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: *«‌مَثَلُ ‌الْجَلِيسِ ‌الصَّالِحِ والسَّوء، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحذيَك، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحرق ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تجد ريحاً خبيثة»*(5).

وهل أنكر من أنكر شرع الله، ودين الله وكتاب الله وسنة رسوله إلا بعد أن ذهبوا إلى أعداء الإسلام، ومكثوا في أوساطهم، وترعرعوا بينهم، وأغروهم بالمال، وأغروهم بأمور الدنيا الفانية؛ فأصبحوا مثلهم بل أشد منهم إلا من رحم الله.

مصيبة عظيمة يا عباد الله، فالجلوس في أوساط الكفار ليس بالأمر السهل؛ بل هو خطر عظيم على العبد يخشى عليه أن يحصل منه ما يحصل، وأن يبدر منه ما يبدر، إذا كان الإنسان يضعف عَنْ قول الحق والصدع به مجرد أن يجالس أهل المعاصي، أو يجالس أناس ليسوا بكفار؛ فما بالك بمن يجالس الكفار صباح مساء، ليل نهار، فالرجل يتأثر، والمرأة تتأثر، والولد يتأثر وهذا هو الحاصل يا عباد الله.

*ومن أسباب أيضا زيغ هؤلاء، وانحراف هؤلاء لهو: تقليد أعداء الإسلام،* لما أرادوا تقليد أعداء الإسلام، وأن يتابعوا اليهود والنصارى ومن كان على شاكلتهم حذوا القذة بالقذة دعاهم إلى أن يقولوا هذه الأقوال، من أجل أن يقربوا بين يدي الكفار، هذا هو الحاصل يا عباد الله، قال النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ: *«‌لَتَتَّبِعُنَّ ‌سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ»*(6).
فهذا هو الحاصل، إن هؤلاء يقلدون أعداء الإسلام حذو القذة بالقذة، فما أملى عليهم الكفار قالوه، وتبجحوا به، وصدروا عَنْ آرائهم، وعن أقوالهم، وعن معتقداتهم إلى غير ذلكم يا عباد الله، تقليد أعداء الإسلام سبب عظيم لزيغ هؤلاء، ولانحراف هؤلاء، ولمروق هؤلاء عَنْ دين الإسلام، ولهذا يقول النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ كما عند أحمد(7) من حديث ابْن عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: *«وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»*.

*ومن أسباب انحراف هؤلاء أيضا، وزيغ هؤلاء، وضلال هؤلاء لهو: الكبر والعجب،* عند أن يتكبر الإنسان ويعجب بقوله، أو يعجب بنفسه فعند ذلك يُصدر للناس أقوالا بائرة؛ بل أقوالا كفرية بالعُجب، والفخر، والكبر، وأنه أعلم من غيره، وأنه على سراط سوي، ولهذا قال فرعون: *﴿‌أَمْ ‌أَنَا ‌خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾* [الزخرف: 52].