Get Mystery Box with random crypto!

فهذه الأشهر عباد الله جعل الله لها مكانة عظيمة، ومرتبة عالية، | القناة الرسمية للشيخ أبي الحسن علي الحجاجي

فهذه الأشهر عباد الله جعل الله لها مكانة عظيمة، ومرتبة عالية، ينبغي على الإنسان أن يعظمها؛ لأن الله قد عظمها؛ ولأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قد عظمها، فينبغي على المسلم أن يستشعر عظمة هذه الشهور.

عباد الله؛ وهي كما سمعتم «ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»، كما أخبر بذلكم المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

عباد الله؛ هذه الأشهر الحرم لها مثابة عظيمة، ولها مرتبة عالية فلهذا كان العمل الصالح فيها خير من العمل الصالح فيما سواها، ولهذا جاء عَنْ قتادة رحمه الله تعالى أنه قال: "العمل الصالح أعظم أجرا في الأشهر الحرم". والظلم أعظم فيما سواهن وإن كان الظلم على كل حال عظيما؛ إلا أن الظلم يعظم في هذه الأشهر فيما سواهن من الشهور، كما أن الحسنات، والأعمال الصالحات يعظمن في هذه الأشهر ما لا يحصل في غيرها من الشهور.

عباد الله؛ ولهذا السيئة تعظم في هذه الأشهر، يكون أمرها أعظم، وإن كان السيئة لا تجوز في أي شهر من الشهور، والمعصية كذلك، والظلم كذلك، ولكن في هذه الشهور يكون أشد وأعظم، ولهذا قال الله عَزَّ وَجَلَّ مبينا حرمة بيته العظيم، قال: ﴿‌وَمَنْ ‌يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الحج: 25].
فلنتنبه عباد الله، فعلينا جميعا معاشر المسلمين أن نحرص على الخير العظيم، والأجر الكبير، وبالأخص في هذه الشهور المباركة، ولنحذر من المعاصي والسيئات، وغيرها من المحرمات في هذه الأشهر، وفي غيرها من الشهور؛ إلا أن الإثم أشد كما سمعتم.

عباد الله؛ ولعظم هذه الشهور العظيمة التي هي الأشهر الحرم جعل الله عَزَّ وَجَلَّ فيها الحج وهو ركن من أركان هذا الدين، فلذلك كان الحج في هذه الأشهر الحرم، في ذي الحجة، جعل الله الحج فيها قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿‌الْحَجُّ ‌أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: 197]، قال قتادة رحمه الله تعالى: "هن شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة".
﴿‌الْحَجُّ ‌أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ فلهذا كان الحج في هذه الأشهر الحرم، وهذه مزية عظيمة، مرتبة عالية.

ومن فضائل هذه الأشهر الحرم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أخبر بأن فيها عشرة أيام من ذي الحجة العمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل الصالح في غيرها؛ بل أفضل من كل شيء؛ إلا الجهاد في سبيل الله، كما جاء في حديث ابن عباس عند الإمام البخاري رحمه الله تعالى(2)، قال ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ أَفْضَلَ مِنَ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ» أي: العشر الأول من ذي الحجة، «قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ»، هذه العشر يا عباد الله إنها في الأشهر الحرم، في العشر الأول من ذي الحجة كما سمعتم، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل الصالح فيما سواها.

وأيضا من فضائل هذه الأشهر الحرم أن فيها يوما هو يوم عرفة يكفر الله به سنتين، سنة ماضية، وسنة مقبلة، كما جاء عند الإمام مسلم(3) من حديث أبي قتادة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لما سئل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ صيام يوم عرفة، قال: «صِيَامُ يَوْمِ ‌عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ. وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». وهو في هذه الأشهر الحرم يوم عرفة.

وهكذا أيضا في هذه الأشهر الحرم يوم عاشوراء الذي من صامه فإنه يكفر الله به سنة كاملة كما جاء أيضا من حديث أبي قتادة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لما سئل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ صيام يوم عاشوراء قال: «وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يكفر السنة التي قبله»(4). وهو في الأشهر الحرم كما سمعتم، العاشر من ذي المحرم، هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وأصحابه، وأهلك الله فرعون وأصحابه ودمرهم، وجعلهم عبرة للمعتبرين، وآية للمتعظين، كان في يوم عاشورا وهو أيضا في الأشر الحرم عباد الله.

ومن فضائل هذه الأشهر أيضا أن فيها يوم القر، وفيها أيضا أيام التشريق وفيها أيضا يوم النحر، وكلها أيام فاضلة جاء من حديث ‌عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عند الإمام أبي داود(5) وغيره، أن النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ ‌يَوْمُ ‌الْقَرِّ».