Get Mystery Box with random crypto!

وهذا جاء من حديث عقبة بن عامر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عند أبي داود | القناة الرسمية للشيخ أبي الحسن علي الحجاجي

وهذا جاء من حديث عقبة بن عامر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عند أبي داود(6) رحمه الله، أن النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ قال: «يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ‌عِيدُنَا ‌أَهْلَ ‌الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ».

فهذه الأيام كلها في الأشهر الحرم، ولها فضائلها، ولها مكانتها، ولها مرتبتها عباد الله، فينبغي علينا جميعا أن نحرص كل الحرص على العمل الصالح في الأشهر الحرم فيما سواها، وأن نبتعد كل البعد عَن العمل السيئ في هذه الأشهر الحرم وفيما سواها من الأشهر.

عباد الله؛ ومن فضائل هذه الأشهر الحرم أن فيها شهر الله المحرم الذي من صامه فقد حاز خيرا كثيرا، ولهذا جاء في صحيح الإمام مسلم(7) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «أَفْضَلُ ‌الصِّيَامِ ‌بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ». وهذا الشهر يا عباد الله هو في الأشهر الحرم.

وهكذا عباد الله لو لم يكن أيضا من فضلها وعظم شأنها إلا أن النبي عَلَيْهِ الْصَّلَاْةُ وَالْسَّلَاْمُ تخير عُمَرَه كلها التي أعتمرها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فقد اعتَمَرَ أربع عُمَر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وكانت كلها في الأشهر الحرم، كانت في ذي القعدة، قال ابن القيم عليه رحمه الله بمعنى كلامه وهو يعلق على هذا: "ولم يكن الله ليختار لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ في عمره إلا أفضل الأوقات ولهذا كان مما أختاره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أنه اعتمر في ذي القعدة". وذو القعدة من الأشهر الحرم كما سمعتم يا عباد الله.

فالله الله معاشر المسلمين، الحرص الحرص على مثل هذه الشهور العظيمة والمباركة والأيام الجليلة وليحرص كل منا على الخير فيها، وليكن على حذر شديد من أن يعصي الله سُبْحَاْنَهُ وَتَعَاْلَى فيها، فكما أن الأجر يضاعف، كذلك السيئة تضاعف.

الْـخُــطْــبَــةُ الْــثَـانِـيَــة

الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نبينا محمد، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ:

أيها المسلون عباد الله؛ كما سمعتم شيئا عظيما من فضائل الأشهر الحرم فإن مما سمعناه عباد الله، ومما سمعتموه لهو يشحذ الهمم، يشحذ هممنا جميعا رجالا ونساء إلى أن نقبل إقبالا عظيما على كل خير في هذه الشهر، وإلى أن نبتعد عظيما عَنْ كل شر وضير عباد الله في هذه الأشهر، وفيها سواها؛ لأن المؤمن يعظم ما عظمه الله، ويعظم ما عظمه رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فإن تعظيم ما عظم الله فإن ذلك من شعائر الله، ﴿ذَلِكَ ‌وَمَنْ ‌يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، ﴿‌وَمَنْ ‌يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ [الحج: 30]، ينبغي على المسلم أن يعظم ما عظمه الله ورسوله، فالذي يعظم ما عظم الله، ويعظم ما عظم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فإنه يجد ويجتهد في مثل هذه الشهور ما لا يجتهد في غيرها.

عباد الله؛ هذه كله من رحمة الله عَزَّ وَجَلَّ، ومن لطف الله لعباه أن جعل لهم موسم عظيمة، وأياما مباركة من أجل أن يجتهد المجتهدون، وأن يجد المجدون، وأن يسارع المسارعون، فهل من مسارع؟ وهل من مجد؟ وهل من مشمر في هذه الأشهر الحرم، وفي غيرها من الشهور.

ينبغي علينا جميعا أن نحرص كل الحرص على كل خير أرشد الله إليه، وأرشد إليه نبيه محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، هذا الذي ينبغي لنا عباد الله، كم نرى ونشاهد كثيرا من الناس يحرصون كل الحرص على المواسم الدنيوية، والأغراض الشخصية التي لا تعود عليهم بالنفع وإن كان هناك نفعا؛ كان نفعا فحسب، أما هذه النفع فيعتبر نفعا أخرويا عظيما عباد الله، ﴿‌وَفِي ‌ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين: 26]، كم نرى ونشاهد الكثير من الناس الذين يتنافسون في المواسم التجارية؛ بل بعظهم لا يقر له قرار، ولا يهدأ له بال؛ بل يكون ليله ونهاره وهو في غاية من الشغل من أجل أمر دنيوي، أو موسم دنيوي؛ بل بعض الناس ترك حج بيت الله الحرام، من أجل ماذا يا ترى؟! قال: لأنه في وقت الموسم؛ لأن أيام الحج تكون في أيام الموسم، ربما مـات ولم يحج بيت الله الحرام! يا لها من جريمة! ويا له من إثم عظيم! ويا له من وزر كبير! لأن الله عَزَّ وَجَلَّ قد فرض عليه الحج وهو مستطيع على الحج، ليس هناك ما يمنعه، المال معه، وجسمه أيضا في عافية وصحة، ما الذي يمنعه؟ وما الحجة له بين يدي الله؟ حجته الموسم، هذه حجة واهيه، وهذا تلبيس شيطاني يا عباد الله.