Get Mystery Box with random crypto!

ثالثاً: تحولات الواقع الراهن وتحدياته التي يعيشها العالم بأجمع | كتابات علي المؤمن

ثالثاً: تحولات الواقع الراهن وتحدياته التي يعيشها العالم بأجمعه. غير أن معظم أمم العالم لها مشاريعها وخططها للتعامل المدروس مع هذا الواقع لضمان أفضل الخيارات في المستقبل. أما المسلمون فما يزال معظمهم يتعاملون مع ذلك الواقع من منطلق ردود الفعل، والتعامل مع المستقبل دون تخطيط مسبق، مع ما يلابسه من حالات الإحباط وغياب الثقة بالنفس والشعور بالهزيمة أمام الآخر.
ويستعرض الباحث في هذا المجال جملة من السنن الإلهية التي تتدخل في عملية استشراف المستقبل، كما يتطرق إلى بعض أنماط التفكير التي راجت بين المسلمين، والتي قد تستبطن تعارضاً مع الوعي الملحوظ بالمستقبل على أساس من فهم خاص للمشينة الإلهية، وتعويلهم على الغيب، دون ملاحظة الأسباب التي جعلها الخالق (عزّ وجلّ) للتحولات التاريخية والاجتماعية.
*الفقيه والمثقف:
يستعرض المؤلف إشكالية العلاقة بين الفقيه والمثقف الإسلامي، ويقدم بعض المعالجات في إطار ثلاثة محاور رئيسية.
1 ـ اتجاهات الوعي لكل منهما
2 ـ الدور الإجتماعي
3 ـ أسس التكامل بين الأدوار.
ويؤكد السيد المؤمن على تحديد المصطلحات وطبيعة العلاقة المفهومة بينهما في معالجة هذه الإشكالية، ويرصد في إطار المحاور المذكورة عدة إشكاليات، كتعامل المثقف الإسلامي مع التراث، والفقيه ووعي العصر، والتحول في الاجتهاد وغيرها. ويقرر المؤلف أن لكل من الفقيه والمفكر والمثقف في الواقع الإسلامي مواقع وأدواراً ثابتة ومتحركة، حقلها الأساس عملية التغيير الاجتماعي والاجتهاد والتجديد والإصلاح الديني. فيما يرتبط بالمثقف ودوره في إطار الرؤية الإسلامية، فهو رجل الميدان الذي يعيش المجتمع بكل تفاصيله، إلا أنه يتحرك في دائرة مرجعية معرفية يمثلها الفقيه، ولذلك فإنه وفي مجال ممارسة النقد حيال القضايا الاجتماعية والفكرية، عليه أن يلتزم بمحددات عدة، بما يشمل عدم تجاوز المجالات المقدسة، ومراعاة الأطر الشرعية والأخلاقية، وتحقيق الإنتماء النظري والسلوكي للإسلام، لكي يكون مثقفاً عقائدياً، وليس مجرد مثقف واقعي أو معرفي أو عقلاني أو أنتجلنيتسي. ويؤكد المؤلف أن الإنتماء للإسلام وضوابطه لا يلغي دور النقد والمحاسبة والنصحية، إذ يمارسه المثقف مع مختلف أشكال السلطة، بل إن هذا الدور هو جزء من الانتماء.
* الغرب و الصحوة الإسلامية:
يعود الاهتمام الغربي بدراسة الإسلام الى ما قبل تشكيل العقل الإستشراقي، وهي المرحلة الفاتيكانية ـ حسب تعبير المؤلف ـ إذ بدأ الوعي الغربي بالإسلام مسيحياً، وانتهى مركباً من عدّة اتجاهات ومدارس غربية. أما المرحلة الجديدة من الدراسات الغربية هذه، فقد بدأت في نهاية السبعينات (من القرن الماضي) مع اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية، ثم أخذت شكلها الحالي أوائل الثمانينات.
ويولي علي المؤمن دوراً كبيراً للحركة الاستشراقية في صياغة نمط الوعي الغربي المعاصر بالإسلام و الصحوة الإسلامية، وحتى العقل الليبرالي الحديث ظل يمارس عملية إعادغة إنتاج البنى والأفكار الإستشراقية ذاتها، بما فيها من سمة أصولية. ويرصد المؤلف تناقضاً في بنية معايير الوعي الغربي، حيث يلاحظ التباين بين معاييره النقدية في وعي ذاته، ومعاييره المتعصبة الأصولية في وعي الآخر، ويجعله الكاتب هذا التباين أهم سبب لإطلاق التهم والشعارات المضادة للصحوة الإسلامية، وهو يستثني عدداً قليلاً من الدراسات الغربية التي تحتوي على فهم قريب من الواقع للإسلام كنظام شامل للحياة، حيث مكّنها ذلك من فهم واقع تيارات الصحوة وأسسها الفكرية، وذلك من خلال منهج آخر، انتقدت فيه المنهج الغربي السائد في الدراسات السوسيولوجية للظواهر الإجتماعية، ومنها الصحوة الإسلامية، ورغم ذلك فإن هذه الدراسات سارت في الاتجاه نفسه، لانها اضطرت لاستخدام المعادلات و المصطلحات ذاتها في التحليل والاستنتاج.
ويستعرض المؤلف جملة من إفرازات الوعي الغربي بالإسلام، ومن جملتها مجموعة الإطلاقات و التسميات التي يعرِّف الغرب بها الصحوة الإسلامية، وهي تسميات تحمل فهماً مسبقاً وأحكام جاهزة لاتمت الى الموضوعية بصلة، ويراد بها التعتيم على حقيقة الصحوة الإسلامية وتحجيمها، ومنها الإسلام الثوري و الإسلام الراديكالي و الإسلام التقليدي و الإسلام الشعبي، ومصطلح الأصولية الإسلامية. كما لا يرى المؤلف مبرراً للفياض بعض لانسياق بعض المثقفين الى استخدام هذه التسميات والمصطلحات ذاتها في المعالجات التي يقدمونها، وهو يفسر هذا الانسياق بضعف أدبيات الصحوة نفسها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) بهاء حداد باحث عراقي، والمقال منشور في مجلة التوحيد، العدد 105، خريف 2000