2022-04-23 04:49:50
خاتمة هذه الليلة، نصّي المفضل عن جدّي عليّ:
*
رسالة من طفلٍ يكتبها وهو في الثلاثين..
ما خفتُ من أسدٍ بحياتي، لأنّ ملامحك كانت تكسرُ شراسته، ملامحك الهادئة، بكلّ ما يستقرّ وراءها من بلاغةٍ وشجاعة وذكاء وحكمة، لا أعلمُ بالضبط متى أحببتُكَ، أيقونة طفولتي الأولى، لكنّ وجهك كان أمامي، في غرفة الجلوس، وعلى جدار خزانتي الصغيرة..
كنتُ أشعر بالحياء أمامك، حين أكذب كذبةً بيضاء، أعلم أنّك ستؤنب الطفل الكاذب، وما أخبرتُكَ عن شهقتي، وزهوي، وأنا أرى سيفك يرتفع في فيلم (الرسالة)، كان وجودك في الفيلم هو الكامل، رغم أنّ سيفك لم يظهر إلاّ في مشهدين، ولم يجسّدوك..
حتى حين اختلفت ملامحُكَ الحجازية من اللوحات، وحلّت مكانها الملامحُ الفارسيّة، كنتُ أميناً لصورة غرفة الجلوس، الصورة التي جلستُ أمامها خائفاً أثناء قصف 1998، جدّتي كانت آنذاك تصلّي بقربي وهي تلعن "طكَة بوش الثانية"، وتلعن الأولى..
كم آمنتْني ملامحُكَ، باطمئنانك، وكم أشعرُ بأنك فردٌ من الأسرة، الرجل الطيّب، لم أخف منك للحظة، أعلم أنك يعسوب الدين، أسوةً بيعسوب النحل، الذي يشطرُ النحلة السارقة للرحيق الى شطرين، وأعلم أنك تقفُ على الصراط المستقيم، ولا أعبرهُ إلاّ بشفاعتك، بمحبّتك..
أشكرك جداً، على كلّ "العشرات" التي كنتُ أحصل عليها، كنتُ أناجيك، وأنا أشعر بألمٍ ببطني قبل استلام نتائج الامتحانات، وما تخليتَ مرّةً عني..
ما أحسستُ يوماً بهدوء، مثل الذي أحسستُ به على "الزولية" في الحضرة، كنتُ أحبّ قراءة دعاء كميل، لأنه دعاؤك، وأحبّ ملمس الفضّة الباردة، لضريحك، مرّةً غفوتُ في المرقد، وكأنني غفوتُ على ساعدك الأيمن، كما أغفو على ساعد والدي..
لم أحب أن أناديك بـ"أمير المؤمنين"، نحن الأطفال نسميك "الإمام علي" فقط، بلا "عليه السلام"، بلا "بن أبي طالب"، بلا كل التسميات الثانية، أنتَ هكذا قريبٌ من قلوبنا الصغيرة، بوجهك الذي تحمله الميداليات وهي تتدلى من خصورنا، كنتَ أناقتنا، وشجاعتنا، وحتى إن صنعنا سيوفاً خشبيةً كنّا نقلد "ذا الفقار"..
أحبّك جداً، وكأنني بتلك اللحظة الطازجة، حين رفعتُ كفّي الصغيرين، طفلاً، وأنا أقول "يا الله دخّل الإمام علي للجنة"، أعلم أن هذه الجملة تخلخل كل الأفكار الدينية، لكنني قلتُها لأنني أحبّك، ولأن الجنة يستحقّها رجلٌ طيّب مثلك، رجل أحبّه أنا، كما يحبّه الله ورسوله.
132 views01:49