2022-07-25 05:43:52
#قصة_سورة_هل_أتى
في بيت فاطمة جلس علي وزوجه وجارية اسمها فضة ، وكان الحسنان مريضان . وجـاء سيدنا محمد ﷺ يعودهما ومعه صحابيان قـال أحدهما : ـ
يا أبا الحسن لو نذرت في ابنيك نذراً ان عافاها الله .
قال علي عليه السلام : اصوم ثلاثة أيام شكراً لله .
قالت فاطمة : ـ وانا كذلك .
وقالت فضة : ـ وأنا أيضاً .
وقال الحسنان : ونحن نصوم .
وبعد أيام البس الله المريضين ثوب العافية حان وقت الوفاء بالنذر فلقد نهض الحسـنان مـن فـراش المرض . . وعادت إلى وجهيهما دماء العافية ، والسماء تنتظر نذراً نذره الإنسان . . نذراً يقدمه إلى نفسه ليكون قريباً من عوالم مغمورة بالنور . لا شيء في منزل فاطمة . انطلق على إلى شمعون رجل من خيبر ؛ رجل شهد انهيار حصون مليئة بالسلاح . . بالذهب . . بالذكاء أمام رجـل لا يملك سوى سيف وقلب تنطوي في حناياه النجوم . وها هو اليوم يأتي يطلب شيئاً عجيباً . . انه يطلب قرضاً ثلاثة أصواع من شعير . . الرجل الذي اقتلع باب « القموص أقوى حصون خيبر » وقهر خيبر ... - جاء يطلب حفنة من شعير . . وامرأته بنت محمد . . تملك ارض « فدك » .
تمتم شمعون وقد هزته المفاجأة : ـ هذا هو الزهد الذي اخبرنا به موسى بن عمران في التوراة
طحنت فاطمة صاعاً . . الرحى تدور و «فضة » فتاة تعيش في منزل فاطمة . . تجمع الدقيق . . صار الدقيق عجيناً . . ثـم خـمسة أقراص لكل صائم قرص شعير!
النجم المهيب يهوي باتجاه المغيب . . يرسل اشعة الوداع يعلن نهاية يـوم مـن حـياة الإنسان والأرض . . الاسرة الصائمة تتهيأ للافطار . . لقمة خبز تقيم أود الجسد الآدمي ليكمل رحلته باتجاه النور .
هتف انسان جائع : مسكين ! اطعموني اطعمكم الله .
وحده الصائم في لحظة الافطار يدرك آلام الجياع عـندما تتلوى المعدة خاوية تبحث عن شيء تمضغه وإلا مضغت نفسها . قدم الصائمون خبزهم . وافطروا على الماء . . واستأنفوا رحلة الجوع . . الجوع زاد المسافر في ملكوت السماء .. حيث تلال النور وبحيرات تزخر بالنجوم . . الجوع يلجم الشيطان القابع في الظلمات . . يسحقه فاذا هو خائر كثور محطم القرون.
ومر يوم آخر والصائمون في رحلة اكتشاف ينابيع الحب الأزلي . . وكل شيء آيل إلى الزوال إلا الحب . . والحب نداء الله إلى النفوس البيضاء .
ومر يتيم . . يا لوعة اليتم في ساعة الغروب . . الكائنات تعود إلى أوكارها والطيور إلى اعشاشها والاطفال إلى احضان زاخـرة بالدفء ، وفي ساعة الغروب تتجمع الدموع في عيون اليتامى كسماوات مشحونة بالمطر ... يتجمع البكاء في القلب . . والمرارة في النفس فكيف إذا اجتمعت مع الجوع . . وهل تتحمل نفوس الأطفال البرد والجوع !!
نادى اليتيم في لحظة الغروب الحزين : اطعموني . . مما اطعمكم الله.
هناك في اعماق النفوس البيضاء كنوز من اللذة اين منها لذائذ البطن . . فكيف مع نفوس براها الجوع والنذر حتى عادت شفافة كالضياء ساطعة كالنور . لبي الصائمون نداء اليتيم . . فباتوا ليلتهم يطوون رحلة مضنية تكاد تمزق الجسد وتحيله إلى حطام . . حيث يشهد عالم الإنسان اللانهائي انتصار الملائكة وهزيمة الشيطان .. إلى الإبد.
السماء تراقب نفوساً في الأرض تطوي مسافات الجوع وفاء بنذرها ؛ وفي اليوم الثالث مرَّ اسير ينشد لقمة خبز أو تميرات .
الاجساد ترتعش أمـام امـواج الجـوع . . العيون غائمة . . والوجود يغمره ضباب ودخان . . ورياحين النبوات تهتز . . تذبل أو تكاد . . والنفوس تشتد نصوعاً والورود تضوعاً . . فاطمة تزداد نحولاً . . غارت عيناها . . وصوتها زاد وهنا على وهن وهي قائمة تصلي في المحراب . .
وفي منزل آخر الأنبياء هبط جبريل يحمل هدية السماء سورة الإنسان وانها :
بسم الله الرحمن الرحيم
هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا * إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالا وَسَعِيرًا * إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا
* وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا *.. إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا.
191 views02:43