Get Mystery Box with random crypto!

{سلسلة خطب الفواكه الشهية في الخطب المنبرية للشيخ العلامة عبدا | صحيح السنة النبوية ٢٠١٨/٨/٢٦ إنشاء القناة🌴

{سلسلة خطب الفواكه الشهية في الخطب المنبرية للشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله}
{العدد١٠ }
خطبة
في الحث على القناعة

الحمد لله اللطيف بعباده فيما يجري به المقدور، المدبر لهم بحكمته وعلمه في الميسور والمعسور، والمفاضل بينهم في الغنى والعقل والعافية والدين وفي جميع الأمور، ليبلوهم أيهم أحسن عملا وهو العزيز الغفور؛ فسبحان الله أحاط علمه بالبواطن والظواهر والضمائر، فعلم ما تحتوي عليه من سيئ النيات وحسنها وصفاء السرائر؛ فيسر كلا لما خلق له، وأعده لما هيئ له، وجعل إرادات القلوب تدعو إلى ما يشاكلها من أقوال اللسان وأعمال الظواهر؛ وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، الأول الآخر الباطن الظاهر؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المؤيد بالبرهان الباهر، والحق الواضح والسلطان القاهر؛ اللهم صلِّ على محمد، وعلى آله وأصحابه أولي العزائم العالية والمناقب والمفاخر، وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

أيها الناس، اتقوا ربكم الذي خلقكم ورزقكم وعافاكم، والذي أطعمكم وسقاكم وكساكم وآواكم؛ والذي أرشدكم إلى صلاح دينكم ودنياكم، ألا وإن التقوى لا تتم إلا بشكر نعم الله، والرضا بما قسم الله، والقناعة كل القناعة بما يسر الله، فإن القناعة من أجل الطاعات المقربة لعلام الغيوب، وإنها كنز لا ينفد وذخر لا يفنى، وغنى بلا مال، وعز بلا جنود ولا رجال؛ فليس الغنى عن كثرة الأموال والأعراض، ولا بالإكباب على الشهوات المفسدة للقلوب بأنواع الأسقام والأمراض، إنما الغنى غنى النفس بما قسم الله؛ وطمأنينتها إلى ذكر الله، فمرنوا رحمكم الله نفوسكم على القناعة بسلوك طرقها وأسبابها، وعودوها الرضا والسكون، وائتوا البيوت من أبوابها، فانظروا إلى من هو دونكم في العافية والعقل وضيق الأرزاق، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم لئلا تزدروا نعمة الخلاق، فالمعافى في بدنه وسمعه وبصره وعقله ينظر إلى من ابتلي بشيء منها، والمبتلى بشيء من ذلك ينظر إلى من هو أعظم منه ابتلاء، فإنه ما من مصيبة تصيب العبد إلا ويوجد أكبر منها.

فالغني يتأمل المعسر الفقير الذي لا يجد من قوته وكسوته وضروراته إلا الشيء اليسير، والمعسر الفقير متى التفت وجد من هو أفقر منه ومن هو عادم للفتيل والقطمير، والمسلم المبتلى بأنواع الأمراض والأسقام، يحمد الله على سلامته من الكفر وموبقات الآثام؛ فما من بلوى يبتلى بها المؤمن في بدنه أو حبيبه أو ماله إلا وهي خير له وأولى، إذا اقترنت بالقيام بالصبر والثناء والشكر للمولى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله؛ ومن يتصبر يصبره الله، وليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى القلب، ولقد أفلح من هدي للإسلام وكان عيشه كفافا وقنعه الله بما آتاه؛ ومن أصبح وله بيت يؤويه ومؤنة في يومه وليلته تكفيه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها، وقد اكتفى بكفايته عن كثرة أموالها وقناطيرها: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [النحل: ٩٧].

*** نكتفي بهذا القدر ونكمل في العدد القادم إن شاء الله تبارك وتعالي *
‏------------------------------

تليجرام
https://t.me/AlSONa3