Get Mystery Box with random crypto!

ورأيت هذا الحسن الفاتن يشعرني بأنه فوق الحسن؛ لأنه فيها هي؛ وأ | عمالقة الأدب العربي المعاصر الرافعي المنفلوطي محمود شاكر الإبراهيمي

ورأيت هذا الحسن الفاتن يشعرني بأنه فوق الحسن؛ لأنه فيها هي؛ وأنه فوق الجمال والنضرة والمرح؛ لأن الله وضعه في هذا السرور الحي المخلوق امرأة.
والتمست في محاسنها عيبًا، فبعد الجهد قلت مع الشاعر:
إذا عِبْتُها شبهتُها البدر طالعًا...!
ورأيتها تضحك الضحك المستحي, فيخرج من فمها الجميل كأنما هو شاعر أنه تجرأ على قانون.
وتبسم ابتسامات تقول كل منها للجالسين: انظروها! انظروها!
ويغمرها ضحك العين والوجه والفم, وضحك الجسم أيضًا باهتزازه وترجرجه في حركات كأنما يبسم بعضها ويقهقه بعضها.
وتلقي نظرات جعل الله معها ذلك الإغضاء وذلك الحياء ليضع شيئًا من الوقاية في هذه القوة النسوية، قوة تدمير القلب.
وهي على ذلك متسامية في جمالها حتى لا يتكلم جسمها في وساوس النفس كلام اللحم والدم، وكأنه جسم ملائكي ليس له إلا الجلال طوعًا أو كرهًا.
جسم كالمعبد، لا يعرف من جاءه أنه جاءه إلا ليبتهل ويخشع.
وتطالعك من حيث تأملت فكرة الحياة المنسجمة على هذا الجسم، تطلب منك الفهم وهي لا تُفهَم أبدًا, أي: تريد الفهم الذي لا ينتهي؛ أي: تطلب الحب الذي لا ينقطع.
وهي أبدًا في زينة حسنها كأنها عروس في معرض جَلوتها؛ غير أن للعروس ساعة، ولها هي كل ساعة.
أما ظَرَفها فيكاد يصيح تحت النظرات: أنا خائف، أنا خائف!
ووجهها تتغالب عليه الرزانة والخفة، لتقرأ فيه العين عقلها وقلبها.
وهي مثل الشعر، تُطرب القلب بالألم يوجد في بعض السرور، وبالسرور الذي يحس في بعض الألم.
وهي مثل الخمر، تحسب الشيطان مترقرقًا فيها بكل إغرائه!
وكلما تناولت أمامي شيئًا أو صنعت شيئًا خلقتْ معه شيئًا؛ أشياؤها لا تزيد بها الطبيعة، ولكن تزيد بها النفس.
فيا كبدًا طارت صُدُوعًا من الأسى!
ورأيتُني يومئذ في حالة كغشية الوحي، فوقها الآدمية ساكنة، وتحتها تيار الملائكة يعب ويجري.
يا سحر الحب! تركتني أرى وجهها من بعد هو الوجه الذي تضحك به الدنيا، وتعبس وتتغيظ وتتحامق أيضًا.
وجعلتني أرى الابتسامة الجميلة هي أقوى حكومة في الأرض!
وجعلتني يا سحر الحب؛ وجعلتني يا سحر الحب مجنونًا
#ورقة_ورد
#الرافعي