2021-07-17 01:11:35
أجمع أهل السنة والجماعة الذين هم أهل الحل والعقد الذين يعتد بإجماعهم على وجوب السكوت عن الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم بعد قتل عثمان رضي الله عنه, والاسترجاع على تلك المصائب التي أصيبت بها هذه الأمة والاستغفار للقتلى من الطرفين والترحم عليهم وحفظ فضائل الصحابة والاعتراف لهم بسوابقهم ونشر مناقبهم, عملا بقول الله عز وجل: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [الحشر: 10] الآية, واعتقاد أن الكل منهم مجتهد إن أصاب فله أجران: أجر على اجتهاده وأجر على إصابته, وإن أخطأ فله أجر الاجتهاد والخطأ مغفور, ولا نقول: إنهم معصومون بل مجتهدون إما مصيبون وإما مخطئون لم يتعمدوا الخطأ في ذلك, وما روي من الأحاديث في مساويهم الكثير منه مكذوب, ومنه ما قد زيد فيه أو نقص منه وغير عن وجهه, والصحيح منه هم فيه معذورون.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في معتقد أهل السنة: وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره, بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة, ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر, حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم.
وقد ثبت بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم خير القرون, وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا من بعدهم, ثم إذا كان قد صدر عن أحد منهم ذنب فيكون قد تاب منه, أو أتى بحسنة تمحوه أو غفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي هم أحق الناس بشفاعته, أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه فإذا كان هذا في الذنوب المحققة فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطئوا فلم أجر واحد والخطأ مغفور, ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من الإيمان بالله ورسوله, والجهاد في سبيله والهجرة والنصرة, والعلم النافع والعمل الصالح. ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم, وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمهم على الله عز وجل.
وقال القاضي عياض في ذكر الصحابة رضي الله عنهم وفضائلهم: وأما الحروب التي جرت فكانت لكل طائفة شبهة اعتقدت تصويب نفسها بسببها, وكلهم عدول رضي الله عنهم ومتأولون في حروبهم وغيرها, ولم يخرج شيء من ذلك أحدا منهم عن العدالة؛ لأنهم مجتهدون اختلفوا في مسائل من محل الإجتهاد كما يختلف المجتهدون بعدهم في مسائل من الدماء وغيرها, ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم.
من الكتاب القيم
معارج القبول شرح منظومة سلم الوصول
للعلامة حاقظ الحكمي رحمه الله
https://telegram.me/ArifAlrikaby
284 views22:11