Get Mystery Box with random crypto!

من مقاصد الأئمة السابقين من التوسع في الإجازة للمتأهلين المقرئ | فوائد الديوانين

من مقاصد الأئمة السابقين من التوسع في الإجازة للمتأهلين
المقرئ الجليل شيخ الإقراء بالجامع العتيق بمصر تقي الدين أبو القاسم عبدالرحمن بن مرهف بن عبدالله بن يحيى بن ناشرة الناشري الشافعي المصري (580-661)، تلميذ شيخ الإقراء بالديار المصرية أبي الجود غياث بن فارس اللخمي، ترجم له جماعة من الأئمة وأثنوا عليه في دينه وعلمه، ولا سيما في القراءات، ومنهم: الإمام ابن الجزري في «غاية النهاية في طبقات القراء» (1: 379).
وأورد ابن الجزري في ترجمته حكاية لطيفة أسندها إليه وفيها عِبرة فقال: « حدثني شيخنا أبو بكر بن أيدُغدي الشمسي قال: حكى لنا شيخنا الصائغ قال: لما وصلت في القراءات على شيخنا ابن ناشرة إلى سورة الفجر منعني الختم، كأنه استصغرني في الإجازة، قال: فشقَّ ذلك علي، وجئت إلى شيخنا الكمال الضرير فعرَّفتُه؛ فقال: إذا كان الغد وجلس الشيخ خُذ بيدي إليه، قال: فلما أصبحنا وجاء الشيخ أتيت الكمالَ الضريرَ فأخذت بيده من موضعه إلى عند ابن ناشرة فتحادثا ساعة، ثم قال: لِمَ لم تدع هذا يختم؟ فقال: يا سيدي الناس كثير وهذا صغير، والله يعلم متى ينقرض هؤلاء الذين قرءوا علينا، قال: فأمسك الشيخ الكمال بفخذيه، وقال: اسمع!، نحن نجيز من دبَّ ودَرَج عسى أن ينبل منهم شخص ينفعُ الناس ونُذْكَرُ به، وما يُدريك أن يكون هذا؛ وأشار إليّ.
قال: فوالله لقد كانت مكاشفة من الشيخ كمال الدين، فإنه لم يبق على وجه الأرض من أولئك الخلائق من يروي عنهما غيري».
الإحالة إلى الطبعة القديمة المتداولة من «الغاية»، وقد قوبل النص بالنسخة المنشورة على الشبكة بتحقيق عمرو بن عبدالله باسم دار اللؤلؤة (2: 327).
والكمال الضرير هو صهر الشاطبي وتلميذه وشيخ الإقراء بالديار المصرية (572-661) وهو أسن من ابن ناشرة ببضع سنين، وتوفي معه في عام واحد.
وتلميذهما صاحب الحكاية معهما هو مسند قراء عصره ورحلتهم وشيخهم الشيخ تقي الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن علي بن سالم بن مكي الصائغ المصري الشافعي (636-725).
وفي الحكاية بيان لبعض مقاصد الأئمة السابقين من القراء والمحدثين وغيرهم من التوسع في الإجازة، ولاسيما إذا كانت للرواية المحضة ولم تكن بمعنى الشهادة والتزكية للمجاز.
ولما التبس مفهوم الإجازة عند كثير من المتأخرين والمعاصرين تحفظ فيها وتشدد كثير من أهل العلم الغيارى عليه، ولاسيما مع استرسال كثيرين وتوسعهم توسعاً قبيحاً في هذا الباب مع وجود الالتباس غير مبالين برفعه، بل مع استغلال كثير لهذا الالتباس للتشبع بما لم يعطوا، ثم التوصل بهذا التشبع بما يضرهم ويضر غيرهم في دينهم ودنياهم مما قد يحكى بعضه، ويمنع الحياء عن حكاية كثير منه، وما خفي لعله أعظم مما ظهر، ولاسيما مع استعمال الوسائل الحديثة في هذا الباب التي يستوي فيها الماء والخشبة والصالح والطالح والبر والفاجر، وربما كان أهل الجهالة الفارغين أكثر تسلطاً بها من أهل العلم والفضل المنشغلين أو المعرضين عنها، أو غير المتمكنين منها.
ومن ثَم صار بيان حقيقة قيمة إجازة الرواية ونشر هذا البيان وتقريره وتوكيده وتثبيته في الأذهان والنفوس من الواجبات والفروض المتعينة على أهل العلم والفضل لمنع الالتباس وآثاره السيئة عند أهل الشر بسوء استغلاله، وعند أهل الفضل بالإجحام عن هذا الميدان تحاشياً لهذا السوء وتورعاً من تكثير سواده.
وحبذا أن يكون هذا البيان مقارناً لكل مجلس سماع ولكل إجازة تكون شفاهاً أو كتابة، وأن يؤخذ العهد على المتحملين بهذا البيان، وإشهاد الله تعالى عليهم بحصول البيان لهم على وجه تبرأ به ذمة المبين وتخلو عهدته، وتنتقل التبعة به إلى من بُين له حتى يخرج منها بأداء الأمانة ومراقبة ربه تعالى فيما حُمِّل، "ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيَّ عن بينة"، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

https://t.me/arrewayahalthkafh