Get Mystery Box with random crypto!

هناك مغالطة منطقية مشهورة يسمّيها المعاصرون :' مغالطة الرِنجة | □ الحبيب أبو بَكر الهاشمي ♡

هناك مغالطة منطقية مشهورة يسمّيها المعاصرون :" مغالطة الرِنجة الحمرا "وهي أنه قديما كان اللصوص الهاربون من السجن يلجؤون إلى حِيلة الرِنجة الحمراء لكي يستطيعوا الفرار من كلاب الحراسة فلا يمكنها معرفة طريقهم، فكانوا يأخذون معهم قطعة من هذه الرِنجة ويُلقونها بعيدا في مكان بعيد، ورائحتها نافذة وشديدة جدا، فتستحوذ هذه الرائحة على الكلاب، فتجري بحثا عنها، وتنسى تماما اللصوص الهاربين.

هذه المغالطة هي نفسها التي يفعلها المشاغبون الذين لا يعبأون أصلا بتفنيد حُجج خصومهم ولا بمناقشة كلامهم ولا بتفكيك آرائهم، وإنما يذهبون بعيدا محاولين تصنيفهم لكي يحصروهم في زاوية ضيقة مع إطلاقات اتهامات مُعلّبة وممارسةِ نوعٍ رخيص من الإرهاب الفكري وصولا إلى الاغتيال المعنوي الذي يُحاولون به إسقاط الشخص نفسه من دون أن يناقشوه في شيء أصلا، فيضيع الموضوع الأصلي وتُنسى المسألة كلها، وتُغلق الصفحة وكأن لم تكن، وينتشون هم بالانتصار الكاذب.

المشاغبون لا يمكنهم هذه المرة- وكذلك مرات كثيرة ومواقف أكثر لولا غرامهم بالحيدة عن محالِّ النقاش وبالتصنيف الظالم - لا يمكنهم إلقاء الرِنجة الحمرا في طريق هذه القضية السارية الآن، فلو كان في وجوههم بقيةٌ من ماء لم يقولوا بأن مخالفيهم من الجماعات الحركية السياسية، فإن هذه تهمة مضحكة جدا؛ لأنه ببساطة شديدة: رؤوس هذه الجماعات لا مشكلة لديهم أصلا في الترحم والاستغفار لرؤوس موتى غير المسلمين، كما لم يكن لديهم مشكلة أيضا في تهنئتهم بالأعياد الدينية ومشاركتهم فيها، وكما لم يكن لديهم مشكلة كذلك في كثير مما يمنعه علماء المذهب الأربعة.

بل رؤوس هذه الجماعات قد مارسوا ذلك بالفعل، وعلى مشهدٍ من وسائل الإعلام، أذكر منهم: الشيخ القرضاوي، فقد قدَّم تأبينا ورثاءً لبابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني، ضمَّنه ترحُّمًا حارًّا على الرجل ودعاءً له، وخرج المدعو عصام تليمة ينظّر للمسألة القائمة الآن بفيديو كله جهالات وخطَل، وكذلك فعل الرئيس محمد مرسي رحمه الله سابقا ومعه وفدُ الإخوان مع البابا شنودة الثالث، وكل هذا مشهور ومتداول ومصوّر، وكله منكر من القول والفعل لا يرضاه الله ورسوله.

ولولا أن في النفس حياءً لسارَعْنا في رمي هؤلاء الموافقين لهم في هذه المسألة وفي نظائرها بالحركية والأخونة والإرهاب كما يفعلون دائما مع كل من يخالفهم في مسألة ولو كانت من بدهيات الدين، إلا أن دين الله تعالى لا يماشي المناكفات ولا هو كان للانتقام والتجريس والتعدّي بالزور والباطل " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء شهداء بالقسط، ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا ".

د. سامي الأزهري