Get Mystery Box with random crypto!

في مثل هذا اليوم قبل 22 سنة كنت طالب بكالوريا في فترة الامتحان | د. وائل الشيخ أمين

في مثل هذا اليوم قبل 22 سنة كنت طالب بكالوريا في فترة الامتحانات النهائية، وكان الامتحان القادم في مادة الرياضيات.
في ذلك اليوم تلقيت خبرين جميلين:
الأول: تم تأجيل الامتحان، الثاني: فطس حافظ الأسد.
نزلت مع بعض إخوتي نمشي في الحارة (في حلب)، الناس في الشوارع كأن على رؤوسها الطير، كأنك تشاهد حولك صوراً ساكنة لا صوت نهائياً، ولا تكاد توجد حركة!
حالة من الذهول المطبق، هل مات فعلاً!
هل يمكن أن يموت من كان الملايين يهتفون لأجله حتى تتعب حناجرهم: إلى الأبد إلى الأبد يا حافظ الأسد!
هل يمكن أن يكون قد ذهب من دخل في أدق تفاصيل حياتنا، على دفاترنا صوره، على جلاءاتنا صوره، في الساحات تماثيله، في دروسنا خطبه، أعيادنا هي إنجازاته وهو على طريق السلطة، هل مات فعلاً بطل التشرينين، قائد الحركة التصحيحية، الأب الرمز المفدى، مات!؟
بعد ثلاثين سنة من حكمه الشمولي الذي جعل من سورية الحضارة سورية الأسد!
هل انتهى العهد الذي نسمع فيه الخبر الأول: استقبل السيد الرئيس، تلقى السيد الرئيس اتصالاً ....الخ
مات!
لكن أجهزة المخابرات لم تمت، وهي اليوم متيقظة أكثر من يوم آخر، لذلك من الأفضل للجميع أن يسكت، أن لا يتكلم أي كلمة، فالكلمة في هذا اليوم ربما تفسر تفسيرات مهلكة.
على الجميع أن يتمالك نفسه، لا يضحك أو يظهر أي فرحة في تعاليم وجهه.
هذه هي سورية يوم فطس حافظ الأسد، لا يجرؤ أحد فيها إلا على البكاء والعويل، حتى تعلن الدولة أن وقت الحزن قد انتهى وأن بإمكانكم اليوم أيها القطيع أن تفرحوا وتهتفوا للقائد الجديد بشار.
من كان يتخيل أن هذا الشعب يمكن أن يقوم بثورة ضد بيت الأسد!
بعد 11 سنة من الصمت وكتمان الفرحة بموت حافظ الأسد، انفجر الشعب ونزلت المظاهرات المليونية ليكون هتافها الأعلى صوتاً والأكثر راحة لنفوسهم هو:
يعلن روحك يا حافظ!
نقولها ونعيدها، نلحنها ونغنيها، نضع فيها قهرنا وفرحتنا وغضبنا وثورتنا، نرص فيها صفوفنا، ونعلن أننا شعب واحد لديه قضية واحدة، وأن كلا خلافاتنا مهما زادت هي تحت سقف:
#يلعن_روحك_يا_حافظ.