Get Mystery Box with random crypto!

جنبي السنة اللي قبلها وبتقول لي: _أقدار ربنا كلها خير يا بنتي | ـ عاطف عماد

جنبي السنة اللي قبلها وبتقول لي:

_أقدار ربنا كلها خير يا بنتي وكل عسرة وفيها يسر.

وهنا قررت أقدم ورقي وأشوف التنسيق هيظهر لي من خلاله إيه، وفعلًا قدمت وكانت الصدمة كلية أداب قسم تاريخ، اللي هو أنا قلت كده:

_نعم؟!

أنا واحدة بقالها 3سنين علمي، بتكره التاريخ كره العمى تدخل أداب تعمل فيها إيه، ومع ذلك ما كنش عندي حل تاني ده أفضل الأقسام اللي جات لي و للأسف حتى فكرة الدراسة في جامعات خاصة وقتها ما كنتش متوفرة زي دلوقتي ويمكن حتى لو كانت متوفرة ظروف بابا ساعتها ما كنتش هاتسمح يدفع لي الكم الكبير ده من المبالغ خاصة إن كان عندي أخ وأخت تانين لسه بيدرسوا، فما كنش قدامي بكل الطرق غير إني أدخل وفعلًا دخلت..

في البداية كنت كارهه الدراسة باللي فيها، حتى المواد باللي بيدرسوها، الكلية بالنسبة لي كانت محل للضيق والضنق حتى المذاكرة كانت بالنسبة لي مرار، لكن مع ذلك كنت باعصر على نفسي 100 لمونه وأذاكر، كنت باتعامل بالمثل اللي بيقول المضطر يركب الصعب وأنا كنت مضطره ومحتاجة أخد شهادة واتخرج واخلص من الكلية باللي فيها وفعلًا ذاكرت ونجحت أول سنة وهنا بقى اتفاجأت بتقدير عالي جدًا، عالي لدرجة إني كنت التانية على دفعتي!

حصل إمتى وفين وإزاي ما أعرفش لكنه حصل، ومن هنا بقى بدأت أتقبل حبه بحبه القسم حتى أصحابي رجعت اتعامل معاهم وبدأ يكون لي زمايل جداد في الدفعة وهنا بدأت أكتشف حاجات ما كنتش أعرفها؛ حاجات من أصحابي اللي دخلوا طب بالذات زي إن عندهم وقت تشريح وأنا لو شفت دم حرفيًا بيغمي عليّ وعندي فوبيا شديدة جدًا من الدم، زي إنهم بيروحوا متأخر جدًا ودراستهم لازم لها حضور دائم، وأنا أصلًا لو عندي محاضرة بعد الساعة 3 ما باحضرهاش ولو قعدت مش ببقى مركزة وقدرتي على الاستيعاب بتقل جدًا، حاجات كتير عمرها ما كانت تخطر على بالي لحد ما وصلت لسنة تالتة وفي لحظة وأنا قاعدة مع نورا صاحبتي وهي كانت في رابع سنة دراسة ليها برده لكنها كانت طب وشفتها وهي حقيقي ما عندهاش ثانية تفكر فيها بره المحاضرات والسكاشن والورق والأدوات حتى المواد الكيميائية اللي بتتعامل معاها لقيت نفسي بأقول:

_أنا ربنا رحمني.

جملة طلعت مني من غير قصد، وما عرفش أنا قلتها إزاي، طول عمري كنت طالبة مجتهدة جدًا والكل كان بيقول إن لو كلية طب دي مش ليّ يعني هتبقى لمين، اللي هو أنا داخله علمي أصلًا وأنا عيني على طب لكن فجأة ألاقي نفسي في تاريخ لأ وبأقول إن ربنا رحمني، ليه وعشان إيه فضلت أسأل نفسي السؤال ده طول الطريق لحد ما لقيت له الإجابة، عشان أنا عندي فوبيا من الدم، فكرة التشريح بالنسبة لي ممكن تخليني أقع من طولي مش إني أدخل مكان وانفذها كمان، قدرتي على الاستمرار في المذاكرة والحضور مش نفس قدرة نورا، صحيح اللي بيحب حاجة بيبقى عنده قدرة في الاستمرار عليها، لكن أنا ما كنتش هأقدر وبالعكس أي حبة زعل أو حزن هيضعفوني ومش هأقدر أواصل ودي كلية صعبة ومحتاجة مجهود ومذاكرة وحضور وعلم أنا شخصيتي فين وهي فين، فعلًا صدق الدكتور بتاع التاريخ الإسلامي بتاعنا مره لما قال:

_ حسابات ربنا فوق كل شيء، إنتَ ممكن تحسبها واحد زائد واحد لإنك هتجيبها من الجنبين فهتطلع معاك اتنين لكن ربنا بيحسبها من كل الجوانب من جواك إنتَ، من اللي حواليك، من قدرتك على الأشياء، من تحملك من طاقتك، حاجات نعرفها وحاجات ما نعرفهاش لكن في النهاية هو اللي خالقك يعني هو اللي عالم بيك أكتر بكتير منك فما تجيش مره وتقوله ليه أو حتى لأ.

خلصت الأربع سنين بتوعي وأنا كنت في 3سنين منهم باطلع الأولى وبرحمة ربنا وكرمه اتعينت معيدة ومع الوقت هبقى دكتورة، وهنا سألت نفسي سؤال هو أنا كنت عايزه أدخل طب وهاموت نفسي على الكلية دي ليه وهنا ما لقيتش جواب ولا رد، لكن لقيت رد تاني لالسؤال تاني ألا وهو أنا عايزه أكمل في تاريخ لحد ما أبقى دكتورة ليه؟

وهنا كان في جواب عشان حبيت المواد، حبيت الدراسة، حبيت الاستمرار في معرفة الماضي وربطه بالحاضر، حبيت التعايش مع الذكريات، جميل أوي إنك تبقى عارف إيه اللي حصل في العالم من قبل ما تيجي بل من قبل ما أهلك يجوا كمان، حتى الأثار تبقى عارف تاريخها، يعني الحجر ده اتحط هنا ليه والجامع ده اتبنى ليه حتى القصر ليه اختاروه بالشكل ده حاجات كتير أوي لقيتني فجأة باتنفسها مش باعيشها وساعتها بس عرفت يعني إيه أقدار ربنا كلها خير اللي ماما قالتهالي ويعني إيه أصبري بس وإنتِ هتعرفي حكمة ربنا من كل ده إيه.

مر عشرين سنة ويمكن أزيد على القصة دي، عشرين سنة بقيت فيهم دكتورة ومشرفة على طلبه، بيقف قصادي دكاتره ومعيدين عشان أقيمهم أو حتى أساعدهم، عشرين سنة اتغير فيهم في حياتي حاجات كتير بس الحاجة الوحيدة اللي ما اتغيرتش هيّ جملة الدكتور بتاعي: