Get Mystery Box with random crypto!

في كهف شهر رمضان وعلى أعتاب العشر الأواخر كان معنيان حاضران أك | إنه القرآن ( القناة الرسمية )


في كهف شهر رمضان وعلى أعتاب العشر الأواخر كان معنيان حاضران أكثر من غيرهما:

أما المعنى الأول فهو أن الافتقار إلى الله ومناجاته هما باب الدخول ومفتتح العطايا ومبدأ تجليات الولاية، ولذلك تجد أول قصة أصحاب الكهف مشهد إيواء وافتقار ودعاء ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ بذلك المشهد بدأت قصتهم كلها.
أثناء تدارس آيات الصيام كان يلفت نظري دوما هذا الترابط الوثيق بين الصيام والدعاء، ففي وسط آيات الصوم تجد قوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني) وكأن الذي امتلأ قلبه وارتوت روحه من معاني الوحي وهدايات الصوم في شهر رمضان لابد أن يسأل هذا السؤال الجليل عن رب العالمين (وإذا سألك عبادي عني)، وكأنه لابد أن تُقبل به عباداته إلى معرفة ربه فيسأل عنه، فتكون الإجابة، ويكون التعريف، ويكون الاسم الذي اختار ربنا أن يتعرف به إلى عباده حين سألوا عنه (فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) ربنا قريب مجيب، ولذلك أنت واجد هذا البشرى الجميلة للصائم متمثلة أساسا في إجابة دعوته (ثلاث لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم)
بل إن المتأمل في أعمال ليلة القدر يجد أن من أهمها الدعاء، ففي حديث السيدة عائشة رضي الله عنها (قالت: قلت يا رسول الله: أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني)
هذا الافتقار للرب جل وعلا والاستغراق في مناجاته يسبق عيدي المسلمين: ليلة القدر قبل عيد الفطر ويوم عرفة قبل عيد الأضحى، وكأنه لا احتفال إلا بعد مناجاة الرب والافتقار إليه وانتظار عطاياه، وكأنه لا فرح إلا بصلتنا بخالقنا وتحققنا بالعبودية له سبحانه وتعالى

وأما المعنى الثاني فهو اليقظة الإيمانية التي نصل إليها في مواسم الطاعات، وكيف تبدو اليقظة أصلا كمطلب عظيم ومقصد مهم من مقاصد العبادات، ترافق ذلك مع توقفي مرارا عند وصف نومة الفتية في الكهف بقوله تعالى (وتحسبهم أيقاظا وهم رقود) ومحاولتي لفهم دلالة ذلك وأهميته، لا أظن أني وصلت لما يقنعني تماما، لكن معظم التفاسير شرحت معنى الآية بأنهم ناموا وعيونهم مفتوحة، حسنا هذا يكفيني تماما الآن، لأني في صباح أحد أيام شهر رمضان العام الماضي خطر لي أن أهم ما تطلبه الشريعة منا وتساعدنا عليه أن نبقي عيوننا مفتوحة، كنت أفكر في ذلك بينما أنظر أمامي في الفراغ المظلم بعين مفتوحة وتركيز شديد كأني أبصر شيئا فعلا.
أمام حالة الغفلة الشديدة التي تسود العالم في زمننا المعاصر، تلك الغفلة المتعمدة والمقصودة والتي تُبذل الجهود ليس لإدامتها فقط، وإنما لجعلها الحالة التي يسعى الإنسان لها ويحتفل بها ويعظمها وكأنها غاية حياته، تلك الحالة بالضبط التي يحدثك عنها أول سورة الأنبياء {ٱق‍ۡ‍تَرَبَ ل‍ِ‍ل‍‍ن‍َّ‍اسِ حِسَابُهُمۡ وَهُمۡ فِی غَفۡلَةࣲ م‍ُّ‍عۡرِض‍ُ‍ونَ ۝مَا یَأۡتِیهِم م‍ِّ‍ن ذِكۡرࣲ م‍ِّ‍ن رَّبِّهِم م‍ُّ‍حۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ یَلۡعَب‍ُ‍ونَ ۝ لَاهِیَةࣰ قُلُوبُهُمۡۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ}
حالة اللهو واللعب التي لشدة ما أُحكمَت تقنياتها وأنفق فيها من أوقات وجهود بدت وكأنها ميدان التنافس ومحط الآمال [جرب أن تسمع لاعب كرة أو ممثلة أو مطربا وهو يحدثك عن عمله الشاق وجهده الدؤوب وتضحياته العظيمة]
يأتي الوحي بحقائقه الكلية وتصوراته الكاملة ومعانيه الجليلة، وتأتي الشريعة بتكليفاتها التعبدية وأورادها الثابتة المتكررة من الفروض والطاعات وإحاطتها الزمنية والعملية بعمر الإنسان لتذكر الناس جميعا بغاية خلقهم وحقيقة حياتهم ومصير وجودهم، لتضع لهم تفاصيل الصراط المستقيم الذي يجب أن يسلكوه طوال سيرهم في هذه الدنيا، ولتمدهم بالحقائق الغائبة عن الذي لا يبصرونه من عوالم وموجودات وعما ينتظرهم في حياتهم الآخرة، إنها توقظهم كلما ناموا وتنبههم كلما غفلوا، إنها باختصار تبقي عيونهم مفتوحة في عالم سكرت فيه الأبصار وأظلمت فيه البصائر {وَلَوۡ فَتَحۡنَا عَلَیۡه‍ِ‍م بَاب‍ࣰ‍ا م‍ِّ‍نَ ٱل‍‍سَّم‍َ‍اۤءِ فَظَلُّوا۟ فِیهِ یَعۡرُج‍ُ‍ونَ ۝ لَقَالُوۤا۟ إِن‍َّ‍مَا سُكِّرَتۡ أَب‍ۡ‍صَـٰرُنَا بَلۡ نَحۡنُ قَوۡمࣱ م‍َّ‍سۡحُورُونَ} عالم تجده التجسيد التام للآيات الكثيرة التي وصفت الكافرين بأنهم لا يسمعون ولا يبصرون {وَلَق‍َ‍دۡ ذَرَأۡنَا لِجَه‍َ‍ن‍َّ‍مَ كَثِیرࣰا م‍ِّ‍نَ ٱلۡج‍ِ‍نِّ وَٱلۡإِن‍‍سِۖ لَهُمۡ قُلُوبࣱ لَّا یَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡیُنࣱ لَّا ی‍ُ‍ب‍ۡ‍صِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ ءَاذَانࣱ لَّا یَسۡمَعُونَ بِهَاۤۚ أُو۟ل‍َ‍ـٰۤىِٕكَ كَٱلۡأَنۡعَـٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّۚ أُو۟ل‍َ‍ـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡغَـٰفِل‍ُ‍ونَ}