Get Mystery Box with random crypto!

في أيام معدودات تعقب أعمال الحج الكبرى_ وقوف بعرفة ونحر وطواف | إنه القرآن ( القناة الرسمية )


في أيام معدودات تعقب أعمال الحج الكبرى_ وقوف بعرفة ونحر وطواف إفاضة_ يكون قرار في منى، قرار مصحوب بذكر لله تعالى كما جاء في الحديث النبوي الشريف،
...هذا القرار لا يقطعه من الأعمال بشكل أساسي غير رمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة،

أفكر في هذه الأيام التي تشهد لحظات انتهاء موسم الحج وختام الشعائر وقرب تفرق الناس مرة أخرى إلى ديارهم بعد جمع مهيب مشهود، وأفكر كيف ترتبط بالاستقرار في مكان واحد مع أكل وشرب وذكر لله تعالى، وأفكر كذلك لماذا ارتبطت تحديدا برمي الجمرات الذي يمثل أعظم مظاهر عداوة الشيطان ومحاربته.

في رحلة الحج منذ بدأت يترقى المسلم في مدارج الإيمان والتوحيد والإخلاص لله والاستسلام التام لأوامره،
في رحلة الحج منذ بدأت يقطع المسلم علائقه بالعالم من خلفه ويتعلم كيف يترك كل شيء من أجل مولاه وكيف يضحي في سبيله بماله ووقته وجهده،
في رحلة الحج منذ بدأت يخالط المسلم إخوانه ويسير في غمارهم واحدا منهم لا يتميز عنهم بلباس ولا لقب ولا جاه ويتحمل الزحام والمشقة بلا فسوق ولا جدال تعظيما لشعائر الله وحرصا على قبول حجته،
حتى إذا قاربت الرحلة نهايتها وبلغت ذروة أعمالها وتشرب قلبه معاني التوحيد في عرفة ومعاني الاستسلام يوم النحر كان لابد من وقفة استجماع للنفس وتأهب للعودة إلى غمار الحياة ومكابدة الدنيا،
هذه الوقفة تضمنت تنبيها على أهم وسيلة يستعين بها المؤمن في سيره إلى الله ألا وهي الذكر، وتضمنت كذلك تنبيها على أبرز عدو سيحاول قطع الطريق عليك رغم كل ما وصلت إليه من مكاسب الإيمان وهو الشيطان الرجيم.

في ،،سورة الكهف،، سؤال مدهش:
{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا}

شيء عجيب حقا، أن يقص عليك ربك قصة عداوة إبليس منذ أول خلقك ورفضه السجود لك وتوعده لك بالإغواء والتزيين في الأرض ثم أنت تتخذه وليا تصغي إلى وسوسته وزخرفة قوله وأكاذيبه وتتبع خطواته وتطيعه، شيء عجيب حقا، أن يتخذك عدوا وتتخذه وليا، ولذلك جاء الأمر الصريح بعد الحقيقة الواضحة: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} والحال أن الشيطان عدو لا تنفك عنه عداوته بسبب من الأسباب ومن ثم لا ينبغي على عاقل بله أن يكون مسلما أن ينفك عن عداوته كذلك مدى حياته

في مناسك الحج ثمة ظهور مباغت للشيطان:
• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ بِالْمَنَاسِكِ عَرَض لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ السَّعْيِ، فَسَابَقَهُ فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتِ إبراهيم عليه السلام"
إنه ميدان الشيطان الأهم؛ الصد عن سبيل الله والقعود لابن آدم بأطرقه كلها {لأقعدن لهم صراطك المستقيم}
إنه ميدان الشيطان الأهم؛ التشويش على معاني التوحيد والإخلاص والاستسلام لأمر الله وتنغيصها بالسخط والسؤالات الحائرة والشكوك المؤلمة، والمحاولة الدؤوب لوقف السعي نحو رضا الله والرضا عن أقداره والاستسلام لأوامره وشرائعه،

ربما لذلك لم يأت ذكر الشيطان في سورة الكهف مرة ثانية إلا مع موسى عليه السلام في سعيه نحو لقاء العبد الصالح حيث سنتعلم كيف نستسلم للأقدار المؤلمة ولو لم نفهم الحكمة منها ولم ندرك الرحمة فيها {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا}

إن أهم ما يرمي إليه الشيطان أن يتبع ابن آدم خطواته، ولو أنك تذكر كيف بدأت خطواته لعلمت أنها كانت أول ما كانت في الاستكبار عن طاعة أمر الله واختيار التمرد دون الاستسلام {وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ ٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ أَبَىٰ وَٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ} وهو لذلك لم يرض إلا بأن يعصي آدم عليه السلام أمر مولاه ويأكل من الشجرة التي نهاه عنها، وهو لذلك لا يرضى من كل إنسان إلا أن يفسق عن أمر ربه كما فسق.