2021-07-25 23:36:49
• فلسفة التواضع:
تثبت الدراسات النفسية اليوم أن داخل كل إنسان نزعة نرجسية، إذ إن الإنسان يعتقد بأنه حالة خاصة في هذا العالَم، تجاربه ومغامراته، حقوقه وواجباته، كلها أمورٌ متميّزةٌ عمّا يشاكلها ممّا عند الناس، الجميع يفكِّر بهذه الطريقة، والجميع لا يعرف أنه يعيش في وهم.
إن نتيجة إطلاق العِنان لهذه النزعة النرجسية سيئة، فالإنسان المستسلم لنزعته النرجسية ينتظر من العالَم أن يعاملَه معاملةً خاصة، تُرضي نرجسيته وتُشبِعها، فالظروف يجب أن تكون مُواتيةً لرغباته، والناس يجب أن يُنزِلوه منزلته العالية التي يعتقد أنه يستحقّها، وهلُمَّ جرّا.
بَيد أن الحياة ليست مصمَّمةً بهذه الطريقة، فالحياة فيها عطاء كما أن فيها منع، فيها مرض كما أن فيها صحة، في غنىً كما أن فيها فقر، فيها أيام تكون لياليها بيضاء وأيام أخرى يكون نهارها أسودًا حالكًا.
ينسى مَن يعتقد أنه حالة خاصة في هذا العالَم هذه الحقيقة، فيُصدَم بها، فيتحيَّر، ولا يدري ما العِلَّة، فيعيش مكتئبًا ساخطًا على الحياة والناس، فلم يُعطوه قدره، ولم يحترموا عظمته وجبروته!
وإنما الأمر كلُّه يكمن في فهمٍ خاطئ للحياة وللنفس، وعلاجُ وهم النرجسية هذا العِلم بحقيقته، وأنه وهمٌ محض، وأنك لستَ حالةً خاصةً في هذا العالَم، فأنت كغيرك، لا تفضُل عليه ولا يفضُل عليك، وأنت ناقص في جوانب، وجاهل في أمور، ومُخطئ في أشياء، فلا معنى لإعلاء شأنِ نفسك، ورفعها فوق قدرِها.
بهذه الطريقة المعتدلة، تعتدل النفس وتستريح، فلا تطلب ما ليس لها فيه حق، ولا تبخَس حقَّها، ثمّ لا يكون ثمَّة إلا الرضا والسلامة.
@thmargraah
134 views20:36