2021-03-19 19:12:52
سَعِدَ بيتُ جارتي وعُمِّر!
نزلتُ إلى المطبخِ لأتفقّدَ طبختي التي تركتُها على النار الهادئة، جاءني صوتُها، يا الله ما أعذب ذلك الصوت وأصدقَ تعبيرَه! تركتُ ما كان في يدي وتابعت مصدر الصوت، كانت تتلو من سورةِ البقرة، من ربعِ "ليس البر" على وجه التحديد، ولفتَني في تلاوتِها جملةُ أشياء تفكّرتُ فيها..
الأول أنها لا تتلو من الكهف، إذًا علاقتُها بالقرآن ليست قائمةً على المُناسَبة، لعلها قرأتْ الكهف أو ستقرؤها، لكنها لا تكتفي بها في يوم الجمعة.
الثاني أنها كانت تقرأُ حدرًا، حين تبعتُ مصدرَ الصوتِ وتابعتُ قراءتها قلتُ لنفسي: "هذا والله حدرُ الحُفاظِ أصحاب أورادِ المراجعة"، لأنهم هم الذين يتلون سريعًا لتثبيت الحفظ ولا تغريهم السرعة بالتفريط في أحكام التجويد.
الثالث انضباط مخارج حروفها وإتقانها الأحكام، رغم حدرِها إلا أنني كنت أسمع الحرف منها مُستعليًا أو مفخمًا أو مُرققًا أو مُظهرًا فأقول "الله!"، وعلى جودة التجويدِ لم تفتْها عذوبة الصوت وحسن تعبيرِه.
ظلت تقرأ حوالي ربع ساعة ثم تناهى لسمعي بكاء طفلٍ وسكتَ صوتها، فغلب على ظني أنها المرأةُ التي كلمتُكم عنها منذ أشهر؛ تلك التي كنت أسمع بكاء رضيعِها ثم يسكتُ قبل أن أصل بالعَدِّ إلى خمسة!
وددتُ لو أنني طرقتُ بابَها هذه الظهيرةَ بطبقين مما طبختُ يكفيانها مشقة الوقوف في المطبخ مع رعاية الصغير، هذه امرأةٌ أحبُّ أن أخدمَها وأن أُهديَ إليها، لكنني لا أعرفُها ولا تعرفُني، وذلك بيت أغبطُه وأغبطُ رَجُلَه على خسنِ اختيارِه ومعروفِه لذريتِه، منذ لحظتِها وأنا أفكر فيها وأقول لنفسي: هل تتنزل الملائكة على ذلك البيت يستمعون لتلاوة تلك المرأة؟ يا الله!
3.6K views16:12