Get Mystery Box with random crypto!

أيها المؤمنون : في القرآن آية عظيمة فاذَّة جامعة في هذا الباب  | 📚مَدرَسَة أمّ المُؤمِنِين عَائِشَة رَضِيَ اللّه عَنهَا📚

أيها المؤمنون : في القرآن آية عظيمة فاذَّة جامعة في هذا الباب «باب التعاون» رسمت للمسلم منهجًا قويما وحددت له مسلكًا رصينا ؛ في ضوئه يكون سيره في هذا الباب على سداد ، وطريقه فيه على صواب ؛
إنها -عباد الله- قول الله جل وعلا في خاتمة آيةٍ من كتابه ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ 

أيها المؤمنون: في هذه الآية الكريمة بيان أن التعاون على نوعين :
..1. تعاون على بر وتقوى .
...2. أو تعاون على إثم وعدوان .

أما النوع الأول ؛ فإن الله جل وعلا أمر عباده به وحثهم عليه ورغَّبهم فيه وأمرهم أن يكونوا من أهله ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾؛
و«البر» -عباد الله- كلمة تجمع فعل الخيرات وصنوف الطاعات وأنواع العبادات والقربات . و«التقوى» تجمع الانكفاف عن المعاصي والذنوب والبُعد عن الخطايا والآثام ، فإذا اجتمع البر والتقوى كما في هذه الآية الكريمة فإن البر: فعل المأمور ، والتقوى: ترك المحظور .
وعليه -عباد الله- فإن التعاون المأمور به الذي أمر الله به العباد ودعاهم إليه أن يتعاونوا على كل ما كان من البر والتقوى ؛ يتعاونوا على الطاعات والعبادات وأنواع القربات ، يتعاونوا على الانكفاف عن المعاصي والآثام وكلِّ ما يسخط الله جل في علاه ،
ويأتي في مقدمة ما يكون التعاون عليه التعاون على صحة المعتقد وسلامة الإيمان ؛ فإن هذا أعظم البر بل هو أساسه ،
ثم التعاون على فعل الفرائض وواجبات الدين ، ثم التعاون على الانكفاف عن المعاصي والآثام
ثم التعاون على فعل الرغائب والمستحبات .

أيها المؤمنون: وأما النوع الثاني من التعاون فهو نوعٌ نهى الله عباده عنه وحذرهم منه ودعاهم إلى اجتنابه ؛ ألا وهو التعاون على الإثم والعدوان ﴿ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾؛
والإثم -عباد الله- المعاصي بأنواعها .
والعدوان -عباد الله- ظلم الخلق بأنواعه ؛

فهذا عباد الله أمر نهى الله جل وعلا عباده من أن يتعاونوا عليه أو يعين أحد منهم آخر على فعله ، فإن هذا مما يُسخط الله جل في علاه ويوجب عقابه

وكما أن الدال على الخير والمعين عليه كفاعله ، فإن الدال على الشر والمعين عليه كفاعله ، لأن هذا الفاعل للشر إنما فعله بإعانة من أعانه أو دلالة من دلَّه ﴿ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾، وفي الحديث قال النبي عليه الصلاة والسلام : ((مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا)) .
ولهذا -عباد الله- علينا أن نعي جيدا أن باب التعاون بابٌ خطير ؛
فإن كان في خير وطاعة وعبادة وإحسان وبر وصلة فأنعِم به وأكرِم ،
وإن كان في ضد ذلك فالويل ثم الويل لمن كان من أهل الإعانة على هذه الأمور .