قال لي سالك وصل إلى منتصف الطريق وقلبه ممزق، وعيناه تريان نهاي | محمد باقر كجك
قال لي سالك وصل إلى منتصف الطريق وقلبه ممزق، وعيناه تريان نهاية الطريق:
" للعشاق لحظاتهم وحركاتهم وكلماتهم.. الفرح عندهم شيء، وعندك شيء آخر.. والحزن، والموت والحياة وكل ما تراه، يرونه بمنظار آخر. وأنا يا أخي، سعيت وراء العشق في كل البراري، كنت كالذئب، أنتظر غفلته عني لأقتنصه. كنت كفتاة في الخامسة عشر تسترق النظر لمعشوقها حينما يمر. وها قد مرت تسعة وعشرون سنة من الدهر، وأنا ذئب وفتاة. حتى أتت لحظة لم يكن هناك من عشق أمامي. أين يختفي العشق حينما أحتاج إليه؟ لست أدري، لكن هذا اللسان، لساني، قد فضحت الدنيا به وأنا أنادي بعشقك يا إلهي!
ولقد ظُلمت، وأوذيتٌ وأبعدتُ وأُهملتُ، حتى ركبني اليأس وشربت الخمرة مع الشاربين، وتركت المساجد لأهلها، والمصاحف لقارئيها.. وما زال قلبي فارغاً منك. تدخله مثل الظلال، ولا تخرج منه إلا عندما أراك. أي لعبة هذه؟ أي استدراج لي إلى اليأس هذا؟
لقد أمسكت يدي شباك كل إمام قدرتُ عليه، وقلت لك هناك: خذ مني ما تشاء، لكن أعطني أمرين اثنين: أن أعرفك، وأن أعشقك.
والى الآن لا زلتُ أشعر بطعم الجهل، ومرارة البعد عنك.
لم؟ متى؟ كيف؟ وأين؟ ومع من؟ أنا غارق في الحزن.. قلبي سفينة مثقوبة، وورائي قراصنة يحبون السفن المثقوبة. أنا شعلة باردة. أنا بئرُ كنعان لكن لا قعر له. أنا جبل الطور لكن أخطأني التجلي. أنا زيتونة في القطب الشمالي. أنا بركة رمل متحرك.. أنا نور وظلمة وحزن وفرح، وجهل وعلم، وأشياء لست أعرف كيف تضج على بقعة روحي.
إلهي! وفي القلب غصة حزن قديمٍ، فأين أراك؟ وأين يكون لقاك؟
هذه الأيام التي تمرُّ، هل ستوصلني إليك؟ أنا أحاول أن أكون مخلصا لك، أفكر بعمق حبي لك، وأرفع قدمي عن بعض البشر الذين يريدون قتلي، رأفة بهم، كي لا يكون غضبي عليهم سبباً لكره دينك. أحاول أنْ أعشقك، وأعشق كلَّ ما أنتجته يداك.. وأحاول أن لا أرى سواك.. دعوت كثيرا، حتى الملائكة في السماء ملت من صوتي وبكائي..
إلهي! لقد رزقتني طفلة وطفلا، وزوجة فوق ما أتصور، وأبا وأما وأخوة، وأحباء كثر، وناساَ تريدني أن أسير. ولكنني لا أرى غيرك، وإن كانوا جميعاً بقربي.. لا أرى غيرك.
أنا مستعد أن أخلعهم جميعا، وأن أدخل حبك في شراييني قطرة قطرة، وإن نالني كل أصناف التعب! لن أخشى على عائلتي. أصلا لست أنا الذي أرزقهم وأضحكهم وأبكيهم! سبحانك أنت الذي رزقت، وأنت من أضحك وأبكى!
إلهي!! سمعت قلبي؟ قرأت خط يميني؟ ماذا تريد مني شهادة إثبات لصدقي؟؟؟
إلهي!! بحق الحسين الذي جعلني أحب كل لون أحمر. بحق المهدي الذي أنتظره في كل وادي. بحق الجميع. بحق فاطمة التي تعصَّبْتُ لها.
أرجوك حرِّك سفينة القدر اتجاهي، واجعل لي فيها مكاناً ونصيباً. أنا أناديك بكل افتقار، وأنت الغني، لن أترك عتبة بابك.."
