2021-09-21 01:22:07
طلب مني وصيةً يستفيد منها في سيره الى كربلاء.
قلت له:
الوصايا كثيرة، لكني أقول لك لأنك شاب:
حدِّد هدفك كما حددت وجهتك. انظر ما الذي ترجو الحصول عليه مقابل عملك هذا؟ فالثواب عظيم لكن الناس يختلفون باختلاف معرفتهم وطلبهم.
قال لي: ماذا اطلب؟
قلت: كل يطلب حاجته ويريد بُغيته، لكني اكرر للشباب الطيبين من امثالك مطلباً يُنقل بمعنى:
يذكر أن شاعراً هندياً – في قصة طويلة- نظم مِصرَعاً مضمونه: لو نظر ابو ترابٍ-اي امير المؤمنين (ع)- الى ذرة تراب، نظرة رحمة..
ثم توقف.
لأنه لم يعرف التكملة، وتحيَّر.. هل ستتحول الى فضةٍ او ذهبٍ او جوهرٍ كريم نادر؟
وبعد فترة طويلة جاءَه الجواب من الامام في منامٍ لأحد الصالحين:
(تصعد الى السماء وتصير شمساً)
ففي هذه الحكاية نكتة عظيمة.. فلو نظر الامام المعصوم (ع) نظر رحمةٍ وتعطِّفٍ الى ذرةٍ تتحول الى شمسٍ عظيمة، فكيف لو نظر الى الشاب الحسيني؟ .. اليّ واليكَ؟.. هل سيبقى على حاله؟ كلا..
فلك ان تلاحظ الذين عايشوا الائمة عليهم السلام، كيف صار الواحد منهم شمساً منيرةً او قمراً مضيئا او نجماً زاهرا .فترى في شخصية "هشام بن الحكم" مثال ذلك، انظر كيف كانت منزلته عند ابي عبد الله الصادق (ع) يحاجج المخالفين ويدحض حجتهم واحداً بعد اخر، والامام (ع) يُكبِره و يُكرمه.. وهشام حينذاك شابٌ لم تخط لحيتُهُ بعد!
أقول لك صديقي: كما كانوا يمكن ان تكون، اجعل ذلك نصب عينك واطلبه من امامك سيد الشهداء في مسيرك الى كربلاء.
فلا بأس بان تطلب من الحسين زوجةً صالحة، او بيتاً، او وظيفةً، او شفاء مريضٍ او .. فالحسين (ع) باب من أبواب الله عزّوجل.
لكن الأغلى:
اطلب الكمال. كمال الروح وسمو النفس، والتخلص من الذنوب والعادات السيئة.
وكثيراً ما يسألني شباب عن عادةٍ سيئة، ومعصيةٍ المَّت بهم دون قدرتهم على التخلص منها مع كثرة محاولاتهم، فأقول لهم: اذا اعيتك الحِيَل، وضعفت دون مواجهتها، فاذهب الى ضريح سيد الشهداء (ع) وتوسَّل الى الله تعالى واطلب من امامك ان يعينك على امرها. وتوسَّل كما يتوسَّل المريض الميؤوس من بُرئه؛ أرأيت المبتلى بالسرطان كيف يضجُّ عند ضريح امامه؟ كذلك ضج واطلب وابكي ليخلصك الله من معاصي الجسد او معاصي الروح.
فاحرص ان لا ترجع من كربلاء كما ذهبتَ اليها.. بل ارجع منها نسخةً اكمل: اكثر ايماناً، واكثر معرفةً، واكمل اخلاقاً، واقرب الى ربَّك تعالى.
31 viewsمَـهٰا الـوُائلـَيِ, 22:22