Get Mystery Box with random crypto!

كثيراً ما يحدث أن يظل الديمقراطيون أقلية، ويحدث أيضاً أن يقررو | حيدر البارون

كثيراً ما يحدث أن يظل الديمقراطيون أقلية، ويحدث أيضاً أن يقرروا بالاستناد إلى أساس ديمقراطي مزعوم لمصلحة منح النساء حق الانتخاب، ليكتشفوا بعد ذلك، بالتجربة، أن أكثرية النساء لا يصوتن ديمقراطياً. وعندئذ يجري فتح ملف برنامج «تثقيف الشعب» المعهود : من الممكن جعل الشعب يتعرف على إرادته ويعبر عنها تعبيراً سليماً من خلال توفير التثقيف الصحيح . وهذا لا يعني سوى أن المثقف (بكسر القاف) يتطابق ، من حيث الإرادة، أقله موقتاً، مع الشعب، بصرف النظر عن الإتيان على ذكر أن مضمون التثقيف الذي سيحصل عليه التلميذ محدد هو الآخر من قبل المثقف (بكسر القاف مرة أخرى). أما نتيجة النظرية التثقيفية هذه فلن تكون إلا دكتاتورية تسارع إلى تعليق الديمقراطية باسم ديمقراطية حقيقية ما، لا تزال قيد الابتكار والتصنيع . نظريا، لا يؤدي هذا إلى تدمير الديمقراطية، غير أن من المهم الانتباه إليه لأنه يبين أن الديكتاتورية ليست نقيضة للديمقراطية . حتى خلال فترة انتقالية خاضعة لهيمنة الدكتاتور، ثمة هوية ديمقراطية تظل قادرة على الوجود، وثمة إرادة الشعب التي تبقى المعيار الحصري . من الملاحظ على نحو خاص، إذن، أن المسألة العملية الوحيدة المتأثرة هي مسألة التحديد، أي بالضبط، تحديد هوية الذي يمسك بزمام التحكم بالوسائل التي من خلالها يتم بناء إرادة الشعب : وسائل القوة العسكرية والسياسية، الدعاية، التحكم بالرأي العام عبر الصحافة، المنظمات الحزبية، الاجتماعات، التثقيف الشعبي، والمدارس. والواقع أن السلطة السياسية التي يجب أن تكون مستمدة من إرادة الشعب، تحديداً، هي وحدها القادرة على تشكيل إرادة الشعب في المقام الأول .