Get Mystery Box with random crypto!

ماذا لو كانت تربيتنا الخاطئة تنتج سفاحي التضامن لا تغيب | المدون معتز ناصر ( جاد الحق ) Motaz Nasser

ماذا لو كانت تربيتنا الخاطئة تنتج سفاحي التضامن


لا تغيب عن ذهني صور #قيصر ، و #مجزرة_التضامن ، و #نهر_الشهداء ، وأتساءل دوما من أين أتى هؤلاء المجرمون

البعد الطائفي للمجازر واضح، لكن هناك بعدا تربويا غير ظاهر، هذا البعد قد يغفل عنه غالبنا، وهو غرسنا لقيمة الإجرام والقسوة في نفوس الأطفال دون أن ننتبه، والمجرم الآثم قد يصنعه مربٍّ قاسٍ قال يوما لأستاذ المدرسة ( الجلد إلك والعضم إلنا ) ليعطيه ضوءا أخضر لممارسة التعذيب، والإجرام بحق الطفل البريء، بذريعة التعليم والتربية، ليصبح الطفل البريء حاضنة تجميع كراهية وضغينة وعنف، تتحين اللحظة المناسبة للانفلات من عقالها، وتفريغ مخزونها ضد ضحايا مستضعفين، بعد أن لُقِّنَ الطفل من والده أن الإنسان الذي كرمه الله، ما هو إلا كالشاة التي تستحق الذبح والتشفية، ما إن يرى الجزار ضرورة لذلك...

القصة بمجملها دين ووفاء، زرع شيطاني نغرس بذره في قلوب الأطفال، ينبت لنا لاحقا مجرمين .

مؤخرا مر بي إعلان لمدرسة خاصة تتفاخر بوضع كاميرات بث مباشر في صفوفها تمكن الأهالي من مراقبة أطفالهم طوال الوقت، ويسوّقون الأمر كميزة رائعة، واستخدام للتكنولوجيا في التعليم، رغم أن حقيقة الأمر كارثة حقيقية، ونسخة مطورة واقعية من مفهوم ( الحيطان إلها آدان ) تكرس سحقا مبكرا لنفسية الطفل تحت ضغط توتر الشعور بمراقبة الأهل الدائمة، ما سيجعل استشعار الطفل لمراقبة الله ينسحب تدريجيا لصالح مراقبة الكاميرا البشرية، التي ما إن يفلت منها، حتى يخرج كل ما بداخله من تفلت، وانعتاق من القواعد والقوانين، مع ما يتبع هذا التصرف من انتكاس مفاهيم قيمية عنده مثل الخطأ والرجوع عنه، وطبيعية أن يخطئ الإنسان، وقيمة ستر الله عليه، وسيستبدل الطفل ذلك بضرورة التصنع والرياء، وكل ما سبق سينتج شخصية مضطربة، مهزوزة، مذعورة، وجبانة، اعتادت سلوك التلصص، ومراقبة الآخرين، والتصنع، والتجسس، والوشاية

التربية الصحيحة تقوم على إعطاء الطفل مساحة من الحرية والأمان تنمي شخصيته، وتجعله يتحمل المسؤولية، وتزيد ثقته بنفسه، عبر التعلم من أخطائه، وأخطاء أقرانه، دون رعب من توبيخ مؤذ، أو شعور بالمراقبة الإشرافية المقيدة والمربكة.

نسبة كبيرة من المجرمين، والوشاة، ومهزوزي الثقة، وعديمي الانتماء، الذين نتعثر بهم في حياتنا هم ضحايا سلوكيات تربوية خاطئة مارسناها عليهم، وإن أهم احتياج للتربية أن تخرج لنا أجيالا من أصحاب الفطر السليمة، والشجاعة، والثقة بالنفس، تصلح هذا المجتمع، وتعمره بالخير، لا أجيالا من الفئران المذعورة، والرخويات المنافقة، التي تمشي قرب الجدار، وعيونها على الكاميرات، ما إن تزول عنها مراقبتها حتى تظهر الشياطين المكبوتة داخلها....


معتز ناصر ( جاد الحق )

https://t.me/motaznasser