2022-01-22 19:13:08
فوائد من تجربة شيخ الانتفاضة أحمد ياسين شاهدت مؤخرا حلقات برنامج شاهد على العصر مع الشيخ أحمد ياسين، تقديم أحمد منصور على قناة الجزيرة، والتي عرضت عام 1999، وفيها تم تناول عدة محطات في حياة الشيخ، ومعاصرته لأحداث القضية الفلسطينية.
شاهدت الحلقات بوقت قياسي بسبب ميزة التسريع في اليوتوب، وهي ميزة رائعة تختصر الوقت كثيرا، ومما وجدته لافتا في هذه الحلقات هو التالي:
طفولة الشيخ جمعت بين اليتم، والفقر، والتهجير، والابتلاء بالصحة منذ شبابه المبكر، والمجتمع المنكوب نتيجة الاحتلال، كل ذلك لم يمنعه من تغيير مجرى أحداث العالم، وترك بصمة لا تزول في التاريخ.
بصيرة الشيخ الياسين جعلته منذ شبابه لا يعلق أي أمل بالأنظمة السياسية العربية، بل وعى مبكرا أن هذه الأنظمة الوظيفية، وجيوشها الباطشة، هي من يحمي الكيان الصهيوني، وأن ما يراهن عليه في حركة التحرير هو وعي الشعوب، وجهادها دفاعا عن هويتها ومقدساتها، وركز في ذلك بسرده تجريد الجيوش العربية للفلسطينيين من سلاحهم، وحل فصائلهم في بداية النكبة، بذريعة أن الجيوش العربية هي من يتكفل بحمايتهم، وسرعان ما هزمت وفرت لتتركهم عزّلا في مواجهة الصهاينة، مع عدم إنكاره لبطولة بعضهم وصدقه في اللقاء، لكن كان لخيانة القيادة الكلمة الفصل.
كان الشيخ أبعد ما يكون عن عقلية المزاودات والشعارات والمغامرات، لذلك لم تجذبه فتح ولا منظمة التحرير التي كان يغلب عليهما النزعة اليسارية، والقيادات الطائشة، التي صنعت بعنجهيتها #أيلول_الأسود ، ثم #حرب_لبنان_الأهلية .
تأخر الشيخ بالمقاومة المسلحة لأنه كان يريد بناء بيئة إسلامية حاضنة للحركة المجاهدة الجديدة التي كان يريد إطلاقها، وحين وجد أن هذه البيئة خُلِقَت وتتطلع عناصرها للجهاد المسلح ضد الصهاينة بدأ العمل.
بدايات #حركة_حماس كانت بجهود الشيخ وصحبه، التي ركزت على الدعوة إلى الله، واستفادت من تجارب حركات المقاومة الفلسطينية السابقة، ومن حالة الصحوة الإسلامية العامة التي كانت تهب رياحها بعد تراجع أفكار اليسار، وانتعاش الفكر الإسلامي في سبعينات القرن الماضي.
أول بوادر حمل السلاح وبتوجيهات الشيخ، كانت ضد العملاء والمفسدين، حيث أنشأ الشيخ وصحبه جهازا أمنيا، مهمته تتبع العملاء، ومن ينشرون الفساد، ومراقبتهم، ثم اختطافهم والتحقيق معهم، وانتزاع الاعترافات منهم، ثم محاكمتهم، وإعدام من يستحق منهم، وذلك كله بفتاوى الشيخ أحمد ياسين نفسه.
هذه النقطة أكثر ما استوقفني، فالصورة النمطية للشيخ الياسين هي أنه رجل دعوي درويش، مقعد على كرسي، صاحب وجه ناعم، يتكلم بهدوء، لكن بهذه المقابلة سيصدمنا حين يحدثنا عن الجهاز الأمني الذي شكله ابتداء، وعمليات الخطف والتصفية للعملاء، ثم لاحقا أسس الجناح العسكري للكتائب، بعد أن كان القائد الحقيقي للانتفاضة الفلسطينية الأولى..!!
لم يكن طريق الجهاد محفوفا بالورد، بل نال الشيخ وصحبه فيه من الأذى الشيء الكثير، تضييق، ملاحقة، اعتقال، تعذيب، إهانة، سجن قاس، ولكن عزيمته لا تلين، فالخلايا العسكرية والأمنية الأولى كشفت، وشحنات السلاح التي شريت بأموال التبرعات أغلبها كشف وصودر، والشيخ دخل السجن خمس مرات، في كل مرة يعترف بما ينسب إليه نكاية بالصهاينة، ثم ينال أحكاما قاسية، ثم يخرج بفضل الله رغما عن أنوفهم معززا مكرما بصفقة تبادل، حيث كان المجاهدون الفلسطينيون يتسابقون لخطف الصهاينة لمبادلتهم بأسراهم ، ومن عوامل نجاح الجهاد الذي بدأه الشيخ وقتها أنه موجه ضد عدو محتل خارجي واضح، لذلك سعى الياسين لبناء تحالفات تقاطع مصالح سواء مع أنظمة سياسية، أو شعوب، أو شخصيات وهيئات.
لم يكن الشيخ مداهنا في فكره، بل كان واضحا فخورا بعقيدته، واقترابه من الله كما نحسبه، كان له الدور الأبرز في قوته وصلابته، ومحبة الناس له، وتأثيره بهم.
هناك صورة نمطية عن أجهزة الاستخبارات الصهيونية أنهم لا يقهرون، لكن الشيخ يحطم هذه الصورة بقصص واقعية عن المواجهة الدامية معهم، ويكشف أنهم بالنهاية بشر يصيبون ويخطئون، وأن ألاعيبهم النفسية أشبه ما يكون بوسوسة الشيطان الذي يخنس أمام المؤمن الحق الواثق.
شنع الشيخ على المنهزمين الأغبياء الذين هرولوا خلف الصهاينة في مدريد وأوسلو، وكرر أنه ضد هذه المسارات السياسية الانهزامية، التي تخدم العدو في تمييع القضية الفلسطينية، وفضح تخابر سلطة فتح في رام الله مع الاحتلال ضد المقاومة، وكشف دورها الخياني فيما يسمى التنسيق الأمني، بعد الحديث عن فكر الاستعلاء، والتكبر لديها ضد باقي أطياف المقاومة، الذي وصل أحيانا لاستخدام العنف الشديد ضد رفاق الكفاح من التيارات الأخرى، وتنبأ بأن عباس سيخلف عرفات لأنه أكثر قربا من النظرة الأمريكية والصهيونية، وأن الكيان الصهيوني حسب استقرائه القرآني سيدخل مرحلة الزوال في 2028 بعد هلاك جيل المؤسسين له، وظهور جيل المقاومة والجهاد في المسلمين بعد الانتفاضة الأولى.
https://t.me/motaznasser
1.2K views16:13