2022-08-02 00:23:50
لم تكن تنقصهم الشجاعة ولا المرح أولئك الفتية الذين استسلموا في موقع الحرش
الذين طافوا بهم في شاحنة مكشوفة قبل ان يطلقوا النار على رؤوسهم في منحدر اللوز
لم تكن تنقصهم الوسامة والعافية وخفة الروح.
كان عليك أن تسمع ضحكهم في الليالي الباردة وهي تندفع الى أسرّتنا من ضباب الحرش وقد علقت بها ابر الصنوبر وكرات السرو المبللة.
كان عليك أن تصغي لغنائهم الماجن وشوائب الحزن التي تحيط بمجونهم الغضّ وتدفعه الى اجسادنا المستدفئة وراء الجدران.
كان عليك أن تبصرهم في الصباحات الشتائية وهم يعبرون في أكمة الصنوبر يجمعون الأكواز المبلّلة والفطر الذي أفزعه الرعد.
لم تكن تنقصهم الشجاعة ولا المجد الذي حصلوا عليه، ووزعوه بعدالة على الرواة وشعراء المناسبات، وحاملي المشاعل وعرفاء المهرجانات، ومدبّجي المدائح ومقاولي المبايعة، والرماة عن بعد، وحراس المنازل في غرفهم المتنقلة، والديوك مرافقي القادة، والموظفين الذين وصلوا بعد المعركة وبعد نفاذ الذخائر.
لم تكن تنقصهم الشجاعة ولا المرح أولئك الفتية الذين رفعوا ايديهم المحترقة بالبارود، وقمصانهم المدمّاة في ذلك الفجر من أكتوبر.
لقد قاتلوا في المنحدرات الوعرة لهضاب الجنوب
وسفوح "جبل الشيخ" المثلجة
والأرض القاسية في الجرود العالية
وقلعة "أرنون" التي يتغنّى بها المغنّون.
لقد حملوا قتلى أعدائهم على أكتافهم في "حرب الجبل"
ووضعوا شواهد على قبورهم
وتذكّروا سجاياهم في سمرهم
ونادوهم بأسمائهم البسيطة في أغنيتهم التي ذاع صيتها في القرى.
كان عليك أن تصغي الى أغنيتهم التي ما زال الفلاحون يسمعونها في ليالي الشتاء
ويتذكّرون مرور دورياتهم الراجلة في الصباحات الباردة.
كان عليك أن تسمع تلك الأغنية،
أن تسعى خلف الصوت وتتبع الأسماء التي اختلطت الآن.
أن لا تلتفت حتى تصل منحدرات اللوز في ذلك الخريف البعيد.
غسان زقطان
42 viewsمحمد عليوي, 21:23