Get Mystery Box with random crypto!

المعارك المفتعلة كما تتفاوت مراتب الناس في العلم، فإن المشتغل | قناة عبيد الظاهري

المعارك المفتعلة

كما تتفاوت مراتب الناس في العلم، فإن المشتغلين بالعلم كذلك تتفاوت مراتبهم وتتباين درجاتهم فيه، فليس كل من التحق بمدرسة أو اشتغل بعلم أو عُرف باختصاص ما، لزم أن يكون من أصحاب الأقوال المعتبرة والآراء المنظورة.

والأصل في القضايا العلمية والمباحثات المعرفية أن يكون النقاش في مسائلها مع المعتبرين في تلك الاختصاصات أو المشهورين من أصحاب النفوذ والتأثير، أما أن يُجعل كل رأي يُقال من منتسبي تلك المدرسة أو تلك الطريقة، مذهبا يُنسب إليهم، وأنموذجا يُعرفّون به، فهذا لا يصنعه إلا من أراد افتعال المشكلات وصناعات العداوات.

وقد بُلينا بمن ينسب لطوائف عامة شذوذات أصحابها، ويُلزمهم بها، ويرميهم جميعا بتصرفات آحاد من ينتسب إليهم.

فبعضهم لو وصلته رسالة قاسية وغير مهذبة من معرّف مجهول، لكتب سلسلة في الضعف الأخلاقي لدى طلاب العلم، وسرد قصص هؤلاء المجاهيل معه، ولو حصل له موقف سلبي مع أستاذ جامعي، لكتب مقالا في سوء الأحوال الأكاديمية وضعفها وهزالها، ولو وقف على خطأ في دراسة علمية، لعمم ذلك الخطأ على مدرسة كاملة بأسرها تضمنت آلاف الرسائل والدراسات، وهكذا.

ومن تتبع غالب هذه البكائيات لوجد أن مصدرها إما عائد إلى آحاد من صغار الطلبة ومبتدئيهم، أو من نماذج قليلة نادرة من طيف واسع كبير.

ولذلك كان الأصل في مثل هذا أن يعمد المرء في نقد الأفكار والمذاهب إلى رؤوسهم ومؤثريهم، دون أفرادهم ومجاهيلهم، ولذلك يقول ابن تيمية في جملة معبرّة :"‏إنه ما من طائفة إلا وفي بعضهم من يقول أقوالا ظاهرها الفساد، وهي التي يحفظها من ينفر عنهم، ويشنع عليهم، وإن كان أكثرهم ينكرها".