Get Mystery Box with random crypto!

من الأشياء التي كنا نضحك عليها صغارا، حين تُتلى علينا قصص كفار | محمد | سايكولوجي

من الأشياء التي كنا نضحك عليها صغارا، حين تُتلى علينا قصص كفار قريش: طريقة تعاملهم مع آلهتهم!

كانوا إذا أرادوا أن يسألوا الآلهة، ما رأيها في أمر ما، جاءوا بالأزلام (كنانة فيها سهم مكتوب عليه افعل، وسهم مكتوب عليه لا تفعل).. ثم يسأل الرجل آلهته، فمثلا: هل أعقد هذه الصفقة؟ أو أسافر في هذه التجارة؟ أو ... إلخ!

فيضرب صاحب الأزلام السهام ويرجّها، ثم يستخرج منها واحدا: فإن كان "افعل" فالآلهة تبارك هذا، وإن كان "لا تفعل" فالآلهة تنهى عن هذا.. وفي بعض الروايات أنه كان يوضع في الكنانة سهم ثالث بمعنى "أعد المحاولة" :)

اللافت للنظر هنا أن الآلهة إذا اختارت شيئا لم يكن على هوى السائل، فإن السائل يضرب بكلام الآلهة عرض الحائط ويفعل ما يريد!! كما فعل سراقة بن مالك حين كان يطارد النبي ﷺ، فأراد استشارة الآلهة، فكان يضرب الأزلام فيخرج له في كل مرة "لا تفعل".. ومع ذلك، رمى الأزلام من يده وانطلق يريد الحصول على الجائزة :)

كان سلوك هذا الجاهلي يكشف حقيقة إيمانه بالآلهة التي يعبدها!!

وتبلغ المأساة ذروتها حين يجوع الجاهلي فيأكل إلهه الذي صنعه.. تلك هي القصة التي نضحك عليها كثيرا وما زلنا!

ثمة فئة من الناس وصفهم الله تعالى بقوله "اتخذوا دينهم لعبا ولهوا".. ووصفهم أيضا بقوله "اتخذ إلهه هواه".. ووصفهم رسول الله ﷺ بقوله "لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أُشرب من هواه"!!

وهكذا، فليس كل من يزعم أنه مؤمن بإله أو بدين، يلتزم بهذا حقا.. بل هو مع الدين ما كان الدين موافقا لهواه، فإذا خالف الدين هواه، مضى وراه هواه وألقى الدين وراء ظهره.. فحقيقة دينه هو أنه يعبد هواه.

بعض هؤلاء الذين كانوا يضحكون على تعامل الجاهلي مع آلهته، عادوا بأنفسهم ليكرووا ذات التصرف!!

ولئن كان الجاهلي معذورا بعض العذر بأن آلهته لا تنفع ولا تضر، وأنها من خشب وحجر وعجوة.. فكيف يُعذر من يزعم أنه يعبد الإله الواحد السميع البصير العليم القادر المطلع على كل شيء!!

لقد ظهر واضحا أن كثيرا من الناس يعبدون ما يحبون، ولم يُخْفِ بعضهم انزعاجه من هذا الدين الذي يخالف مزاجه، وكان بعضهم صريحا إلى الغاية حتى قال: سآخذ من الدين هذا وهذا، ثم ألقي بالباقي في أقرب سلة زبالة!!

والأيام بيننا.. ستأتي الأيام بالحوادث الكاشفات، فإذا ببعض هؤلاء سيعلن ردته صراحة، مثلما كانت حادثة مقتل شيرين أبو عاقلة محطة أعلن بعضهم ردته فيها..

النصيحة التي أقدمها لنفسي ولإخواني ولعموم من ينصح الناس ويدرسهم السيرة: ألا يتهاون ولا يسمح بالسخرية والضحكات حين يقص أخبار الجاهليين، فإنها والله جدّ وواقع، نحياه بأنفسنا!

أولئك الذين حرفوا كتبهم من أهل الأديان السابقة، بل كانوا (يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا).. أولئك يستحقون الإدانة والسخرية نعم، لكن يجب على العالِم والداعية والشيخ والمربي والواعظ أن ينبه الناس إلى أن الأمر جد، وأنه متكرر، وأن القرآن لو لم يكن محفوظا، وأن السنة لو لم تكن محفوظة لكان الذين حرفوها هم المسلمون أنفسهم، وفي الصدر منهم: المنتسبون إلى العلم.

لكن الله تفضل على هذه الأمة فحفظ لها كتابه، وهيأ من عباده الصالحين من حفظ سنة نبيه ﷺ.. وسائر ما يجري وما نراه الآن يخبرك: ماذا كانت ستكون النتيجة، وكيف كان سيكون حجم تحريف الدين، لو لم يحفظ الله كتابه وسنة نبيه ﷺ!!!

الجاهلية ليست مجرد مرحلة زمنية سبقت بعثة النبي ﷺ .. الجاهلية هي الحال التي تسود حين لا يسود الإسلام!!

وفي النهاية، فهؤلاء جميعا، يلتزمون في حياتهم بقوانين أخرى، وبكل صرامة.. مهما خالفت أهواءهم..

لن تجد أحدا منهم يكسر القانون في البلد التي هو فيها لأنه لا يرضى عنه أو لا يراه عنوانا للعدالة!!

بل هذا نفسه لو وجد إعلان توظيف يطلب خبرة 15 سنة لن يجرؤ على الذهاب إلى الوظيفة إن كان حديث التخرج!!

ولا يمكن أن تجده مدافعا عن عصابة تهريب، أدخلت بعض الناس إلى دولته بطريق غير قانونية!!

هذا نفسه لن يجرؤ على النضال في سبيل الجمهورية إن كان في بلد ملكية، ولا النضال في سبيل الملكية إن كان في بلد ينص دستورها على الجمهورية!!

إنهم يحترمون الشروط والقوانين في الوظيفة وفي الشارع بل في الأجهزة الكهربائية.. ثم هم يريدون أن يقلبوا نظام الكون ليجعلوا ما وضعه الإله من شروط لدخول الجنة أو دخول النار وفق أهوائهم!!

حالة من الغباء المزري قبل أن تكون حالة من ضياع الدين!!

محمد إلهامي