Get Mystery Box with random crypto!

﷽ سؤالٌ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ: السّؤال رقم 1087: بعد | رَوْضَةُ الوِلَايَة



﷽ سؤالٌ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ:

السّؤال رقم 1087:

بعد وفاة العالم الكبير الشَّيْخ حسن زاده آملي، ذكر بعض الفضلاء في درسه: أَنَّ في كتاب (ممد الهمم في شرح فصوص الحكم) لهذا الشيخ المتوفى، تجدون قوله: (إِنَّ عائشة أطيب الأطايب)، ويستدل على ذلك بالآية المباركة: ﴿أُولٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾، (وأنّ رائحتها طيبة جداً)، ولأجل ذلك لا أتكلّم عن حُسن هذا الشخص، بل أنا ساكتٌ. سماحة الشَّيْخ ما رأيكم في ذلك؟ وهل يكون ما ذُكِر في ذلك الكتاب سبباً لعدم الترحم عليه، أو السكوت عن مدحه؟ (جمعٌ من طلّاب الحوزة)

الجواب: _
☆ بدايةً لا بدّ من القول إِنِّي قد استمعتُ إِلَى التسجيل الَّذِي صدر عن ذلك السَّيِّد الجليل الَّذِي أحترمه وأجلّه، ولا أشكّ في علمه وتقواه وحسن نيّته، ولستُ هنا في مقام تسجيل مؤاخذةٍ عليه، خصوصاً أَنَّه توقّف في حال شخصٍ ولم يتكلّم عنه سلباً ولا إيجاباً. وإنّما أريد أنْ أُبْدِي وجهة نظر قد تساعد على فهم تمام ما يحيط بالموضوع ليكون السائل على بيّنةٍ من أحكامه ومواقفه.

⊙ أوّلاً: لا بدّ من تحييد الموقف من (محيي الدين بن عربي) في تقييم الأشخاص والحكم عليهم؛ وذلك لأنّ وجهات النظر فيه مختلفة، فنرى بعض الأعاظم من علمائنا قدّس الله أسرارهم يمدحونه ويرفعون من شأنه، مع توجيههم لبعض الشطحات الواردة في كتبه، وبعضٌ آخر منهم، يسقطونه لأجلها، ويرون أَنَّها غير قابلةٍ للتأويل والتوجيه، وبعضٌ ثالثٌ يتّخذّ طريقاً وسطاً. وعلى كلّ تقدير، فإنّ مثل وجهة النظر هذه على طرفي الخط ووسطه، لا يمكن أنْ تكون بوجهٍ من الوجوهٍ مقياساً للتقييم في قبول الأشخاص وردّهم، فضلاً عن إيمانهم وكفرهم، أو هدايتهم وضلالهم، وإنّما لهذا النوع من التقييم طرق أخرى دلّت عليها الآيات وأخبار المعصومين عليهم السلام، ليس هنا المجال لتناولها.

⊙ ثانياً: إِنَّ كتاب (مُمِدّ الهمم في شرح فصوص الحكم) للعلامة المرحوم حديثاً الشَّيْخ حسن زاده آملي، هو شرح فارسي على كتاب (فصوص الحكم) لمحيي الدين بن عربي. والمنهج الَّذِي اتّبعه الشارح في الأعمّ الأغلب يبتني على الترجمة الحرفية لكلام الفصوص، بحيث إِنَّه يتناول مقطعاً من كلامه قصيراً، ويترجمه ـ في الغالب ـ بنصّه، من دون أيّ تصرُّف يذكر. وبالتتبع في طريقته من أوّل الكتاب إِلَى آخره، نراه أَنَّه في بعض المقاطع التي يوجد في النصّ المترجم ما يمكن أنْ يقف الباحث عنده، من شبهةٍ فلسفيةٍ، أو كلاميّة، أو تاريخية، وما شابه، يلتزم المترجم، بنقل شرحٍ مترجمٍ عن بعض شُرّاح الفصوص، مع الإشارة في الهامش إِلَى ذلك بذكر المصدر. وهذا بعينه أجراه في محلّ الشاهد؛ حيث إِنَّه في الفص السابع والعشرين (فصّ حكمةٍ فرديةٍ في كلمةٍ محمّدية) ينطلق (ابن عربي) فيه ببيان السبب في عنونة هذا الفص بـ (حكمةٍ فردية)، ليصل سريعاً إِلَى باب المحبة التي هي أصل الموجودات، ويتناول حديث «حُبِّبَ إليّ من دنياكم ثلاث» بالشرح والتفصيل. وهناك يسهب في الحديث عن المرأة والزواج، إِلَى أنْ يصل إِلَى التمسّك بالآية القرآنية ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾ [النور: 26]؛ لتبرئة زوجات النبي صلّى الله عليه وآله، ومنهم عائشة، مِمّا قد يقوله البعض في حقّهنّ. فيأتي الشارح المترجم الشَّيْخ حسن زاده آملي، وينقل عن القيصري في شرحه على الفصوص توضيح ما ذكره ابن عربي، وشرح القيصري على الفصوص هو شرحٌ في الغالب مزجيٌّ يركّب فيه كلامه مع كلام المتن في لوحةٍ واحدةٍ. فما ذكره الشَّيْخ الآملي باللغة الفارسية هو عبارة القيصري العربية عينها، وهي التالية: «وقد جعل الطيِّب الحقّ تعالى في هذا الالتحام النكاحي الواقع بين الرجل والمرأة، وجعل الطيّب في براءة عائشة، فقال: ﴿الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ﴾؛ لأن الطيّب ماله الطيّب، فشهد الحق فيها بأنّها طيّبة ونفى الخُبث عنها بقوله: ﴿أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾؛ لأن النبي صلى الله عليه و [آله و] سلم، أطيب الطيبين، وعائشة وباقي أزواج النبي عليه السلام أطيب الطيبات)، ولم يكتفِ بنقل النصّ مترجماً، بل عقّبه في الهامش بذكر المصدر.
⊙ وهنا قد يقول قائلٌ: إِنَّه إذا لم يكن موافقاً على هذا الكلام، فلِمَ لمْ يناقشه، فعدم مناقشته دليلٌ على الموافقة. قلت: أبداً، فإنّه ما دام قد التزم في كتابه بمجرّد الترجمة، مع قليلٍ من الشرح، فلا مقتضى لمخالفة هذا المنهج، ما دام لديه كتبٌ أخرى، تظهر منها عقيدته وأفكاره في أُمور قد لا يوافق صاحب المتن عليها. وهذا أمرٌ قد دأب عليه العلماء قديماً وحديثاً.