Get Mystery Box with random crypto!

ولو كانت حرمة الغناء مستندة إِلَى كون صوتها عورةً؛ لجاز الغناء | رَوْضَةُ الوِلَايَة

ولو كانت حرمة الغناء مستندة إِلَى كون صوتها عورةً؛ لجاز الغناء والاستماع إليه في صورة انحصار الغناء والاستماع بالنساء. وإنّما يحرم الغناء لأدلّة ذكرها الفقهاء في بحوثهم الفقهية الاستدلالية، من قبيل بعض الآيات وما ورد في تفسيرها من أخبار، كقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله﴾ [لقمان: ٦]، وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون: ٣]، وما شابه ذلك، ولا يوجد في أيّ آيةٍ أو روايةٍ من المشار إليها ما يرتبط بكون صوت المرأة عورة كما لاحظنا.
¤ كما أَنَّ تلك المقولة (صوت المرأة عورة) والتي عرفت أَنَّها لا ترتبط بالغناء، وإنْ كانت لا توجد في آيةٍ أو روايةٍ، إِلَّا أَنَّه بعد فهم المراد من العورة فيها يتّضح أمرها. فاعلم أَنَّه لا يقصد من العورة في مصطلح الفقهاء خصوص فرج الرجل والمرأة كما ربما يكون هو الثابت في بعض الأذهان في عصرنا، وإنّما المتتبع في الاستعمالات الفقهية المتنوّعة يصل إِلَى نتيجةٍ جازمةٍ في أَنَّ المراد من مصطلح (العورة)، كلّ ما يجب على المكلّف المحافظة عليه ستراً ونظراً واستماعاً ونحو ذلك من الأُمور المرتبطة بالعفّة، وحدود ذلك يختلف بين الرجل والمرأة، وبين المكلّف والصغير، وبين الصغير المميّز وغير المميّز. وبعض القدماء من الفقهاء كان رأيهم الفقهي أَنَّه يجب على المرأة السعي إِلَى عدم إيصال صوتها إِلَى الأجنبي؛ حفاظاً على العفّة، وبما أَنَّ الأمر كذلك عندهم، دخل الصوت حينئذٍ في المصطلح الفقهي للعورة بالمعنى الَّذِي أوضحته. وبعضٌ آخر من الفقهاء رفض أنْ يكون الأمر كذلك على إطلاقه، بل يجب على المرأة المحافظة على عدم إيصال صوتها إِلَى الأجنبي إنْ كان فيه دلالٌ وخضوعٌ موجبٌ لإثارة الشهوة والريبة، وحسب التعبير القرآني: ﴿تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ﴾ [الأحزاب: ٣٢]، وبالتالي يكون (صوتها عورة) بالمصطلح الفقهي الَّذِي شرحته إذا توفّرت فيه تلك القيود، لا مطلقاً. كما أنّ هذا الأمر لا يختصّ بالمرأة، فإنّ الرجل لو تكلّم بطريقةٍ موجبةٍ للريبة والوقوع في الحرام، يصدق عليه حينئذ أنّ كلامه عورة. وإنّما اختصّ هذا الاستعمال بصوت المرأة دون الرجل من منطلق طبيعة كلّ من الرجل والمرأة.
¤ والحاصل: أنّ التعبير بالعورة حسب المصطلح الفقهي ليس فيه توهين للمرأة، بل هو تعبير - حسب اصطلاحهم - يرتبط بالعفّة والمحافظة على طهارة المجتمع. نعم، لا بأس بتغيير التعبير كي لا يقع البعض في توهمات خاطئة.

⊙ وفي الختام: اتضح لنا مما تقدّم الإيهام الَّذِي استعمله ذلك الشخص في ذلك البرنامج التلفزيوني إنْ كان ملتفتا، وإلا فهو جاهلٌ يكون معذوراً إذا لم تكن نيّته سيّئة، وإلا فإنّي لا معرفة لي كاملة بشخصه، ومقدار تحصيله العلمي، فلا أجوّز لنفسي الحديث عن الشخص، وإنما كلامي مرتبط بما قيل لا مَن قال.
أعاذنا الله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا...

دُمْتُم بِخَيْرٍ وعَافِيَة
_
للمشاركة؛ يُمكنكم إرسال أسئلتكم عبر الضغط على هذا الرابط:
telegram.me/rawdawilaya

رابط القناة:
https://telegram.me/rawda_wilayah