يَنْبغي للمُسلمِ ألَّا يَتكلَّفَ ما لا يُطِيقُ أو ما يَشُقُّ عليه ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى لم يُكلِّفْه بذلك ؛ قال تعالَى : {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] ، وقال : {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
وهكذا كان هدْيُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتوجيهُه للأُمَّةِ ، كما في هذا الحديثِ ، حيثُ يَروي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دخَلَ المسجدَ ، فوجَدَ حَبْلًا مَربوطًا بيْن السَّاريتَينِ ، وهما أُسطوانتانِ كالعَمودَينِ ، فسَأَلَ عنه ، فأُخبِرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الحَبْلَ لزَينبَ بنتِ جَحشٍ رَضيَ اللهُ عنها زَوجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، وأنَّها تَضَعُه إذا صَلَّت ، حتَّى إذا فتَرَتْ ومَلَّتْ تَعلَّقَتْ به ، فرَفَضَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذلك ، وأمَرَ مَن معه أنْ يَحُلُّوه ، ثمَّ قال :
● "لِيُصَلِّ أحدُكم نَشاطَه ، فإذا فتَرَ فلْيَقعُدْ" ، أي : ليُصلِّ كلُّ مُسلِمٍ وَقتَ نَشاطِه وقُدرتِه على الصَّلاةِ ، فإذا تَعِبَ أو أصابَه الملَلُ فلْيَقعُدْ ، والمقصودُ بقولِه : «يَقعُد» إمَّا أنْ يكُفَّ عن الصَّلاةِ ويُسلِّمَ ، أو أنْ يَجلِسَ فيها ، وهو دَليلٌ على جَوازِ ابتِداءِ الصَّلاةِ قائمًا ثمَّ الجلوسِ فيها.
وإنَّما يُكرَهُ التَّشديدُ في العِبادةِ خَشيةَ الفُتورِ ، وخَوفَ الملَلِ ؛ لئلَّا يَنقطِعَ عنها المرءُ ، فيكونَ كأنَّه رُجوعٌ فيما بَذَلَه مِن نفْسِه للهِ تعالَى ، وتَطوَّعَ به.
#وفي_الحديث :
● النَّهيُ عن التَّشديدِ في العِبادةِ ، والأمرُ بالإقبالِ عليها بالنَّشاطِ.
● وفيه : إزالةُ المُنكَرِ باليدِ لمَن يَتمكَّنُ منه وله وِلايةٌ في ذلك.
● وفيه : مَشروعيَّةُ تَنفُّلِ النِّساءِ في المسجِدِ.