2022-06-08 11:45:45
بسم الله
#الذِّكْر
العدد بالذكر
ورد في الصحيح: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة) وقطعًا ليس المراد بالإحصاء تعدادها، فذلك يقدر عليه ويفعله البر والفاجر، المؤمن والكافر، بل بعض المراد: معرفة معانيها والتعبد بها، والتحلي بمعانيها، وإلى الحث على التخلق بأخلاق الله وصفاته تقول عائشة كما في صحيح مسلمٍ: (فإن خلق نبي الله كان القرآن) والقرآن هو كلام الله المشتمل على أسماءه تعالى ونعوته، أو هو ذاته صفة الله التي تخلَّق بها سيدنا رسول الله، ومن أدب الصديقة أنها لم تصرح بأنه صلى الله عليه وسلم كان متخلقًا بأخلاق الله - على قدر طاقته الشريفة - استحياءً وتأدبًا مع الله جل وعلا، وذلك من كمال الإيمان ووفرة العقل.
وقد أورد الطبراني في الأوسط بسند في لينٌ : (حسن الخلق خلق الله الأعظم)، وراجع كلام الإمام الغزالي في التخلق بأخلاق الله والاجتهاد في ذلك.
=====
متأخرو العلماء إذا ألَّفوا متنًا في علمٍ ما.. لم يضعوا فيه حرفًا إلا لفائدةٍ، فيفرقون بين التعبير بـ إذا، وإنْ، ولو، فلو، وحتى، ويغيرون الألفاظ بما يتسع لمعانٍ كثيرةٍ جدًا، ولنا في الإرشاد لابن المقري ولمختصر خليل عبرة.
هؤلاء العلماء عبادٌ ضعفاء، عقولهم محدودة، وعلومهم قاصرة قليلة، فكيف بكلام رب العزة جلَّ وعلا، (ولو أن ما في الأرض من شجرةٍ أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحرٍ ما نفدت كلمات الله، إن الله عزيز حكيم) قال أهل التفسير: أي: كذلك لا تنفد معاني كلمات الله؛ ولذلك قال تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
فما من آيةٍ تكلم عليها أهل التأويل.. إلا ووراء ما تكلموا عليه معانٍ تضيق عنها العبارات، وتقصر عنها العقول، ولله تعالى فيها أسرار أطلع عليها نبيه الكريم الذي أعلمه ما بين السماوات والأرض، وأطلع على بعض منها بعضًا من أوليائه.
=======
كذلك أسماء الله تبارك وتعالى فيها من المعاني والأسرار الكثير والكثير - فالله العليم لا يسمي نفسه باسمٍ إلا لما لم يحط به غيره تعالى؛ إذ له الكمال المطلق - مما لا يدرك بعضه إلا من امتنَّ الله تعالى عليه وقربه، فمن تجلَّى الله عليه باسمه الرقيب.. لا تراه إلا أصفر اللون من شدة الخوف والوجل، ومن تجلَّى عليه باسمه القريب.. لا تنقطع دموع عينيه من شدة الحياء منه تبارك وتعالى.
=======
تأمل في كتاب ربك.. سترى التكرار فيه كثيرًا؛ فتكرارٌ في أسماءه، وتكرارٌ في مواعظه، وتكرارٌ في قصصه، ولا يخفى على العلماء الراسخين في العلم سبب التكرار في كل ذلك، والذي أريد تنبيهك عليه أن التكرار خسنٌ مطلوبٌ؛ للتقرير والتثبيت.
لذا كان الذِّكرُ باللسان.. سببًا لتقرر معنى الذكر والمذكور في الجنان، كما أرشدنا ربنا تبارك وتعالى: (واذكروا الله كثيرًا) وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: (أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون)، وقال: (سبق المفردون)
======
التخلق بأخلاق الله تعالى وصفاته على قدر الطاقة إنما يحصل بالذِّكر مع المجاهدات القلبية والبدنية، والذكر الذي يؤثر في النفس تخلُّقًا: هو الكثير جدًا بحيث يقال للذكر المكثر: مجنون.
وتسمي الله تعالى بهذه الأسماء التي ذكرها في القرآن وأمرنا أن ندعوه بها ونحصيها لم يقع إلا لحكمةٍ، لذلك نظر بعض العلماء إلى كل اسمٍ من أسماءه تعالى مجردًا عن الألف واللام، ونظروا كم لها من الأعداد باعتبار (الجمَّل الكبير) أعني: أبجد هوَّز ... إلخ ، واستحسنوا الذكر بذلك الاسم بعدد ما يجمعه من الجمل الكبير، فاسم الله العزيز العين بـ 70، والزاي بـ 7، والياء بـ 10، والزاي بـ 7، فيكررون هذا الاسم 94 مرة اجتهادًا منهم.
ومن العلماء من يحصل له الإلهام بأن تكرار الاسم بعددٍ معينٍ مع حضور القلب يحصل به الجمعية بأن يصدق عليه حديث (أنا جليس من ذكرني) كما أن أبا سعيدٍ الخدري لما رقى اللديغ بالفاتحة.. سأله سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك أنها رقية) فقال: شيءٌ ألقاه الله في نفسي،، ولم ينكر عليه رسول الله، بل فرح وقال: (اضربوا لي معكم بسهم).
وهذا كما حكي عن الإمام أحمد من استعمال آيات الشفاء السبع، وأذكار تسهيل الولادة والكتابة على بطن الحامل، وقراء الفاتحة 70 مرة على الوجع فيبرأ، وغير ذلك مما أقره السلف والخلف.
الشيخ مصطفى عبد النبي
https://t.me/shafiahsha
334 views08:45